" صفحة رقم ٣٦٨ "
وعن ابن زيد نزلت في زيد بن عَمرو بن نفيل وأبي ذر الغفاري وسلمان الفارسي اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها في جاهليتهم واتّبعوا أحسن ما بلغهم من القول.
وعن ابن عباس نزل قوله :( فبشّر عِبَادِ الذينَ يستَمِعونَ القولَ ( الآية في عثمان وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير وسعيد بن زيد، وسعد بن أبي وقاص جاؤوا إلى أبي بكر الصديق حين أسلم فسألوه فأخبرهم بإيمانه فآمنوا.
لما أفاد الحصر في قوله :( لهُم البُشْرى ( ( الزمر : ١٧ ) والحصران اللذان في قوله :( أُولئِكَ الذينَ هداهُم الله وأُولئِكَ هم أُولوا الألبابِ ( ( الزمر : ١٨ ) أنّ من سواهم وهم المشركون لا بشرى لهم ولم يهدهم الله ولا ألباب لهم لعدم انتفاعهم بعقولهم، وكان حاصل ذلك أن المشركين محرومون من حسن العاقبة بالنعيم الخالد لحرمانهم من الطاعة التي هي سببه فُرع على ذلك استفهام إنكاري مفيد التنبيه على انتفاء الطماعية في هداية الفريق الذي حقت عليه كلمة العذاب، وهم الذين قُصد إقصاؤهم عن البشرى، والهدايةِ والانتفاععِ بعقولهم، بالقصر المصوغة عليه صِيَغ القصر الثلاث المتقدمة كما أشرنا إليه.
وقَد جاء نظم الكلام على طريقة مبتكرة في الخبر المهتم به بأن يؤكد مضمونه الثابت للخبر عنه، بإثبات نقيضضِ أو ضدِّ ذلك المضمون لضد المخبر عنه ليتقرر مضمون الخبر مرتين مرةً بأصله ومرة بنقيضه أو ضده، لضد المخبر عنه كقوله تعالى :( هذا وإن للطاغين لشر مئاب ( ( ص : ٥٥ ) عَقب قوله :( هذا ذكر وإن للمتقين لحسن مئاب ( ( ص : ٤٩ ). ويكثر أن يقع ذلك بعد الإِتيان باسم إشارة للخبر المتقدم كما في الآية المذكورة أو للمخبر عنه كما في هذه السورة في قوله آنفاً :( أُولئِكَ الذين هداهُم الله ( ( الزمر : ١٨ ) فإنه بعد أن أشير إلى الموصوفين مرتين فرع عليه بعده إثبات ضد حكمهم لمن هم متصفون بضد حالهم.
وبهذا يَظهر حسن موقع الفاء لتفريع هذه الجملة على جملة ) أُولئك الذين