يقول الحق جلّ جلاله :﴿فاصبرْ على ما يقولون﴾ أي : ما يقوله الشركون في شأن البعث من الأباطيل، فإنَّ الله قادر على بعثهم والانتقام منهم، أو : يقولونه في جانبك من النقص والتكذيب، أو : ما تقوله اليهود من مقالات الكفر والتشبيه، ﴿وسبِّح بحمد ربك﴾ أي : اصبر على ما تسمع واشتغل بالله عنهم، فسبِّح، أي : نزِّه ربك عن العجز عما يمكن، وعن وصفه تعالى بما يوجب التشبيه، حامداً له تعالى على ما أنعم به عليك من إصابة الحق والرشاد، ﴿قبل طلوع الشمس وقبل الغروب﴾ وهما وقت الفجر والعصر، وفضلهما مشهور.
﴿ومن الليل فسبِّحه﴾ أي : وسبّشحه في بعض الليل ﴿وأدبارَ السجود﴾ أي : أعقاب الصلوات، جمع : دبر، ومَن قرأ بالكسر، فمصدر، من : أدبرت الصلاة : انقضت، ومعناه : وقت انقضاء الصلاة، وقيل : المراد بالتسبيح : الصلوات الخمس، فالمراد بما قبل الطلوع : صلاة الفجر، وبما قبل الغروب : الظهر والعصر، وبما من الليل : المغرب والعشاء والتهجُّد، وبأدبار السجود : النوافل بعد المكتوبات.
﴿واسْتَمِع﴾ أي : لِما يُوحى إليك من أحوال القيامة، وفيه تهويل وتفظيع للمخبر به، ﴿يوم يُنادي المنادِ﴾ أي : إسرافيل عليه السلام، فيقول : أيتها العظام البالية، واللحوم المتمزقة، والشعور المتفرقة ؛ إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء، وقيل : إسرافيل ينفخ، وجبريل ينادي بالمحشر، ﴿من مكانٍ قريبٍ﴾ بحيث يصل نداؤه إلى الكل، على سواء، وقيل : من حجرة بيت المقدس، وهو أقرب مكان من الأرض إلى السماء باثني عشر ميلاً، وهي وسط الأرض، وقيل : من تحت أقدامهم، وقيل : من منابت شعورهم، فيسمع من كل شعرة. " ويوم " منصوب بما دلّ عليه " يوم الخروج " أي : يوم ينادِ المنادِ يخرجون من القبور، فيوقف على " واستمع " وقيل : تقديره : واستمع حديث يوم ينادِ المنادي.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٩٦