وقيل: من له مال لا يحتاج معه إلى تكلف الأعمال وتحمل المشاق. (ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ): من فلق البحر، وإغراق العدوّ، وتظليل الغمام، وإنزال المنّ والسلوى، وغير ذلك من الأمور العظام، وقيل: أراد عالمي زمانهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مسكن تسكنه؟ قال: نعم، قال: فأنت من الأغنياء، قال: فإن لي خادماًن قال: فأنت من الملوك.
الراغب: الملك ضربان: ملك هو التملك والتولي، وملك هو القوة على ذلك تولى أو لم يتول، فمن الأول قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا﴾ [النمل: ٣٤]، ومن الثاني: ﴿إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً﴾ [المائدة: ٢٠]، فجعل النبوة مخصصة والملك فيهم عاماً، فإن الملك هنا هو القوة التي ترشح بها للرياسة لا أنه جعل كلهم متولين للأمر، فذلك مناف للحكمة، كما قيل: لا خير في كثرة الرؤساء، وقال بعضهم: الملك: اسم لكل من يملك السياسة، إما في نفسه، وذلك بالتمكين من زمام قواه وصرفها عن هواها، وإما في غيره، سواء تولى ذلك أو لم يتول على ما تقدم، وقلت: يؤيد الأول ما روينا عن البخاري ومسلم والترمذي وأبي داود، عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "كلكم راع ولكم مسؤول عن رعيته" الحديث.
قوله: (وقيل: أراد عالمي زمانهم) عطف من حيث المعنى على قوله: " ﴿مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنْ الْعَالَمِينَ﴾ من فلق البحر" يعني: إن جعلت ﴿الْعَالَمِينَ﴾ عاماً وجب تخصيص ﴿مَا﴾، لئلا