(الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ): أرض بيت المقدس. وقيل: الطور وما حوله. وقيل: الشام. وقيل: فلسطين ودمشق وبعض الأردن. وقيل: سماها اللَّه لإبراهيم ميراثاً لولده حين رفع على الجبل، فقيل له: انظر فلك ما أدرك بصرك، وكان بيت المقدس قرار الأنبياء ومسكن المؤمنين. (كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ): قسمها لكم وسماها، أو خط في اللوح أنها لكم.
(وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ): ولا تنكصوا على أعقابكم مدبرين من خوف الجبابرة جبناً وهلعاً، وقيل: لما حدثهم النقباء بحال الجبابرة رفعوا أصواتهم بالبكاء وقالوا: ليتنا متنا بمصر، وقالوا: تعالوا نجعل علينا رأساً ينصرف بنا إلى مصر. ويجوز أن يراد: لا ترتدوا على أدباركم في دينكم بمخالفتكم أمر ربكم، وعصيانكم نبيكم: فترجعوا خاسرين ثواب الدنيا والآخرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يلزم أنهم أوتوا ما لم تؤت هذه الأمة من الكرامة والفضل وغير ذلك، وإن خصصته بعالمي زمانهم، فـ ﴿مَا﴾ باقية على عمومها، إذ لا محذور، والتقدير قيل: أراد بـ ﴿الْعَالَمِينَ﴾: عالمي كل زمان، وبالإيتاء: ما اختص ببني إسرائيل، وقيل: أراد به: عالمي زمانهم، وبالإيتاء: ما اشترك به غيرهم.
قوله: (بعض الأردن)، الجوهري: هو اسم نهر وكورة بالشام.
قوله: (أو خط في اللوح أنها لكم) عطف على قوله: "قسمها"، و"قسمها" و"سماها" واردان على أن ﴿كَتَبَ﴾ مجاز عنهما. الأساس: ومن المجاز: كُتب عليه كذا: قضي عليه، وكتب الله الأجل والرزق، وكتب على عباده الطاعة، وعلى نفسه الرحمة، وهذا كتاب الله أي: قدره، وسألني بعض المغاربة ونحن في الطواف عن القدر، فقلت: هو في السماء مكتوب وفي الأرض مكسوب، ومنه ما روينا في حديث القدر: "ثم يبعث الله ملكاً بأربع كلمات، بكتب: رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد"، أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن مسعود.


الصفحة التالية
Icon