(فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً): فمن يمنع من قدرته ومشيئته شيئاً؟ (إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ) من دعوه إلها من المسيح وأمّه، دلالةً على أن المسيح عبد مخلوق كسائر العباد.
وأراد بعطف (مَنْ فِي الْأَرْضِ) على: (الْمَسِيحَ... وَأُمَّهُ) أنهما من جنسهم لا تفاوت بينهما وبينهم في البشرية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حيوان وهو نبات لما كان مركباً منهما، ولا يصح أن يقال: اللاهوت هو المسيح كما لا يصح أن يقال: الحيوان هو الإنسان، قيل: إنهم قالوا: هو المسيح على وجه آخر غير ما ذكرت، وهو ما رُوي عن محمد بن كعب القُرظي: أنه لما رُفع عيسى عليه الصلاة والسلام اجتمع طائفة من علماء بني إسرائيل فقالوا: ما تقولون في عيسى؟ فقال أحدهم: أو تعلمون أن أحداً يحيي الموتى إلا الله تعالى؟ فقالوا: لا، فقالوا: أتعلمون أن أحداً يعلم الغيب إلا الله؟ فقالوا: لان فقالوا: أتعلمون أن أحداً يبرئ الأكمه والأبرص إلا الله؟ قالوا: لا، قالوا: فما الله إلا من هذا وصفه، أي: حقيقة الإلهية فيه، وهذا كقولك: الكريم زيدٌ، أي: حقيقة الكرم في زيد، وعلى هذا قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾.
قوله: (دلالة على أن المسيح) مفعول له، أي: قال الله تعالى هذا القول دلالة.
قوله: (وأراد بعطف ﴿مَنْ فِي الأَرْضِ﴾) عطف على جملة قولنا: قال الله تعالى هذا القول دلالة، وإنما أقيم المظهر موضع المضمر في قوله: ﴿أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ﴾ وإن لم يقل: يهلكه إرادة الدلالة أنه عبدٌ مطيع؛ لأن المسيح هو الصديق، وعطف عليه أمه لمزيد الدلالة على أنه عبد مخلوق؛ لأن الخالق لا أم له، ثم عطف عليه: ﴿مَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً﴾ إرادة الدلالة على أنهما من جنس من في الأرض لا تفاوت بينهما، وكل ذلك تتميمات يزيد الكلام بها مبالغة.