[(وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ)].
(أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ): أخذنا من النصارى ميثاق من ذكر قبلهم من قوم موسى، أي: مثل ميثاقهم بالإيمان باللَّه والرسل وبأفعال الخير، وأخذنا من النصارى ميثاق أنفسهم بذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الزجاج: "خائنة" على المبالغة، لأن الشاعر يخاطب رجلاً يقول: لا تخن فتغل إصبعك في المتاع، أي: تدخلها للخيانة، وقيل: مُغل الأصبع: خائن اليد، يقول: لو رأيت فوارسي لخفت وما غدرت فطمعت في جاريتي، غمايتين: جبلين متناوحين، أي: متقابلين.
قوله: (أو أخذنا من النصارى ميثاق أنفسهم) يريد أن الضمير المضاف إليه في ﴿مِيثَاقَهُمْ﴾ لليهود على حذف المضاف لقوله: "أي: مثل ميثاقهم" ليستقيم المعنى، إذ لا يكون ميثاق النصارى غير ميثاق اليهود، أو للنصارى من غير حذف، فعلى الأول قد شبه أخذ ميثاق النصارى بأخذ ميثاق اليهود، والوجه أن يكون الضمير للنصارى لاختلاف العبارتين والحالتين، أتى في الأولى بالجملة القسمية، وهي ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَا﴾ [المائدة: ١٢]، وعرى الثانية عن التوكيد، وقيل ثمة: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ﴾ مع "ما" المؤكدة إلى ذُكروا به، وهاهنا ﴿فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ﴾. ثم انظر كم التفاوت بين جزاء النقيضين لتقف على تمام المراد، وذلك أن اليهود لما كانوا قوماً بهتاً شديدي الشكيمة جيء بما يدل على قوة الأمر ليؤذن بالقسر والقهر، ويؤيده قوله تعالى: ﴿وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمْ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ﴾ [البقرة: ٦٣]. قال المصنف: " ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ﴾ بالعمل على ما في التوراة، ﴿وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمْ الطُّورَ﴾


الصفحة التالية
Icon