وزالت أشياء منها عن حفظهم. وعن ابن مسعود رضي اللَّه عنه: قد ينسى المرء بعض العلم بالمعصية، وتلا هذه الآية. وقيل: تركوا نصيب أنفسهم مما أمروا به........
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ} [البقرة: ٨ - ٩] لم يعطف ﴿يُخَادِعُونَ﴾ على ما قبله لكونه مبيناً له من حيث إنهم حين كانوا يوهمون بألسنتهم أنهم آمنوا وما كانوا مؤمنين بقلوبهم قد كانوا في حكم المخادعين، قاله صاحب "المفتاح"، فقوله: قد كانوا في حكم المخادعين مثل قول المصنف: "لا قسوة أشد من الافتراء"، وعلى الوجه الثاني: ﴿يُحَرِّفُونَ﴾ استئناف لبيان المقتضي وما حالهم بعد التحريف، ولذلك أتى بالفاء السببية في قوله: "فحرفوا" كأنه قيل: ما فعلوا إذاً؟ فقيل: يحرفون الكلم ونسوا حظاً مما ذكروا به، كما قال ابن مسعود: ينسى المرء بعض العلم بالمعصية.
وقلت: وفيه أن بركة الطاعة، والعمل بما علم موجبة لازدياد العلم، ما قيل: من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم، وأشار المصنف بقوله: "فحرفوا التوراة وزالت أشياء منها" إلى أن قوله: "نسوا"، من النسيان، وهو ماض عطف على ﴿يُحَرِّفُونَ﴾ وجاء على المضارع بمعنى الاستمرار ليناسبه، كما قال في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ﴾ [فاطر: ٢٩]: "يُداومون على تلاوته وهي شأنهم وديدنهم"، وعلى الوجه الأول: أي: إذا كان نسوا بمعنى تركوا، يكون حالاً من فاعل ﴿يُحَرِّفُونَ﴾، وقد: مُقدرة.
قوله: (وقيل: تركوا نصيب أنفسهم) عطف على قوله: "وتركوا نصيباً جزيلاً"، فعلى