من الإيمان بمحمدٍ صلى اللَّه عليه وسلم وبيان نعته. (وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ) أي: هذه عادتهم وهجيراهم، وكان عليها أسلافهم، كانوا يخونون الرسل وهؤلاء يخونونك، ينكثون عهودك، ويظاهرون المشركين على حربك، ويهمون بالفتك بك، وأن يسموك.
(عَلى خائِنَةٍ) على خيانةٍ، أو على فعلةٍ ذات خيانةٍ، أو على نفسٍ أو فرقةٍ خائنةٍ. ويقال: رجلٌ خائنةٌ، كقولهم: رجلٌ راوية للشعر؛ للمبالغة. قال:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأول التنكير في قوله: ﴿وَنَسُوا حَظّاً﴾، للتكثير والتعظيم، ولهذا قال: "إغفال حظ عظيم" يعني: نبذوا التوراة وراء ظهورهم ولم يعملوا بما فيها فكان إعراضهم عن التوراة إغفال حظ عظيم، وعلى الثاني: التنكير للنوع، والمتروك بعض ما فيها؛ وهو الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، فالنصيب بمعنى المفروض، ولهذا بينه بقوله: "مما أمروا به من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم".
قوله: (ويظاهرون المشركين على حربك) يعني: يوم الأحزاب "ويهمون بالفتك بك"، يعني يوم أتيت بني قريظة ومعك الشيخان وعلي، "وأن يسموك" يعني: يوم خيبر، والذي يقتضيه النظم أن قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ﴾ الثاني جيء به مكرراً لإناطة قصد فتك اليهود بالرسول صلى الله عليه وسل ونجاته منهم به، ثم بيان نقضهم ميثاقهم قديماً وحديثاً واستحقاقهم لذلك اللعن وضرب الذلة والمسكنة، وجعل قلوبهم قاسية حتى حرفوا كتاب الله؛ ليجتنب المؤمنون عن مثل فعلهم، ويحفظوا عهد الله ومواثيقه، وقد سبق في الكتاب في إحدى الروايات أن سبب نزول الآية: إتيان رسول الله ﷺ بني قريظة والشيخين وعلي ليعينوهم على الدية، وروى محيي السنة، عن مجاهد وعكرمة والكلبي وابن يسار، أنه بعث رسول الله ﷺ المنذر ابن عمرو الساعدي، وهو احد النقباء يوم العقبة، في ثلاثين راكباً إلى بني عامر، فلقوا عامر ابن الطفيل فاقتتلوا فقتل المنذر وأصحابه إلا عمرو بن امية الضمري وآخر لقيا رجلين من بني سُليم، وكان بينهم وبين رسول الله ﷺ موادعة، فانتسبا إلى بني عامر فقتلاهما، وقدم