(إِنِّي مَعَكُمْ) أي: ناصركم ومعينكم. (وعَزَّرْتُمُوهُمْ): نصرتموهم ومنعتموهم من أيدي العدوّ. ومنه: التعزير: وهو التنكيل والمنع من معاودة الفساد. وقرئ: بالتخفيف، يقال: عزرت الرجل: إذا حطته وكنفته. والتعزير والتأزير من وادٍ واحدٍ، ومنه: لأنصرنك نصراً مؤزراً، أي: قوياً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وهو التنكيل والمنع). قال الزجاج: عزرتموه: نصرتموه، لأن العزر في اللغة: الرد، وعزرت فلاناً أي: أدبته، معناه: فعلت به ما يردعه عن القبيح، كما أن نكلت به معناه: فعلت به ما يجب أن يُنكل عن المعاودة، والناصر يرد عن صاحبه أعداءه، وهو يستلزم التعظيم والتوقير، ومن فسر التعزير بالتعظيم أراد هذا، قلت: فهو حقيقة في الرد والمنع، وكناية عن التعظيم والنصرة.
وقال الراغب: التعزير: النصرة مع التعظيم، قال تعالى: ﴿وَتُعَزِّرُوهُ﴾ [الفتح: ٩]، والتعزير: ضربٌ دون الحد، وذلك يرجع إلى الأول، فإنه تأديب والتأديب نصرة ما، لكن الأول: نصرة بقمع العدو عنه، والثاني: نصرة لقهره عن عدوه، فإن أفعال الشر عدو للإنسان، فمتى قمعته عنها فقد نصرته، وعلى هذا قوله صلى الله عليه وسلم: "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً"، فقال: أنصره مظلوماً، فكيف أنصره ظالماً؟ قال: "تكفه عن الظلم"، وقلت: الحديث من رواية البخاري والترمذي عن أنس، فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلوماً أفرأيت إن كان ظالماً كيف أنصره؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تحجزه أو تمنعه عن الظلم، فإن ذلك نصره".
قوله: (نصراً مؤزراً)، قاله ورقه بن نوفل، وهو ابن عم خديجة في حديث مشهور أخرجه الشيخان.