وعدهم هذا القول وإذا وعدهم من لا يخلف الميعاد هذا القول، فقد وعدهم مضمونه من المغفرة والأجر العظيم، وهذا القول يتلقون به عند الموت ويوم القيامة، فيسرون به ويستروحون إليه ويهوّن عليهم السكرات والأهوال قبل الوصول إلى الثواب.
[(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ)]. الْمُؤْمِنُونَ)].
روي أن المشركين رأوا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وأصحابه قاموا إلى صلاة الظهر يصلون معاً، وذلك بعسفان في غزوة ذي أنمار،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وإذا وعدهم من لا يخلف الميعاد هذا القول فقد وعدهم مضمونه) يريد أن هذه الآية تفيد ما أفاده قوله تعالى في الفتح: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً﴾ [الفتح: ٢٩]، وإن كان القصد هاهنا القول وهناك الموعود؛ لأن الكريم إذا نطق بالوعد لا يخلف وعده، وكان الموعود حاصلاً، ولهذه الطريقة فائدة زائدة، وهي استرواح السامع باللفظ مع توطين النفس بإنجازه، فيسهل عليه تحمل المشاق، ولذلك جاء قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ [فصلت: ٣٠] واسترواحاً عند حضور الموت.
قوله: (ويستروحون إليه)، الجوهري: أراح الرجل: رجعت نفسه إليه بعد الإعياء، وأروح واستروح واستراح بمعنى، فيا لكلام لف ونشر بغير ترتيب.
قوله: (أن المشركين رأوا رسول الله ﷺ وأصحابه قاموا) قيل: "قاموا": حال، و"قد" مُقدرة، ولو كان من رؤية القلب لكان مفعولاً ثانياً.


الصفحة التالية
Icon