فلما صلوا ندموا أن لا كانوا أكبوا عليهم فقالوا: إنّ لهم بعدها صلاة هي أحب إليهم من آبائهم وأبنائهم، يعنون: صلاة العصر وهموا بأن يوقعوا بهم إذا قاموا إليها، فنزل جبريل بصلاة الخوف، وروي أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أتى بني قريظة ومعه الشيخان وعليّ رضي اللَّه عنهم يستقرضهم دية مسلمين قتلهما عمرو بن أمية الضمري خطأ يحسبهما مشركين، فقالوا: نعم يا أبا القاسم، اجلس حتى نطعمك ونقرضك، فأجلسوه في صفةٍ وهموا بالفتك به، وعمد عمرو بن جحاشٍٍ إلى رحىً عظيمةٍ يطرحها عليه، فأمسك اللَّه يده ونزل جبريل فأخبره، فخرج. وقيل: نزل منزلاً وتفرق الناس في العضاه يستظلون بها، فعلق رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم سلاحه بشجرةٍ، فجاء أعرابي فسلّ سيف رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ثم أقبل عليه فقال: من يمنعك منى؟ قال: "اللَّه"، قالها ثلاثاً. فشام الأعرابي السيف فصاح رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بأصحابه فأخبرهم وأبى أن يعاقبه. يقال: بسط إليه لسانه: إذا شتمه، وبسط إليه يده: إذا بطش به. (وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ) [الممتحنة: ٢] ومعنى بسط اليد: مدّها إلى المبطوش به. ألا ترى إلى قولهم: فلان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ألا كانوا أكبوا عليهم) أي: هلا كانوا، وهي كلمة التنديم، فالجملة مبينة لقوله: "ندموا"ن وقيل: أصله: ندموا على أن لا كانوا، فحذف "على" ثم أدغم النون في اللام.
قوله: (وهموا بالفتك به)، النهاية: الفتك: هو أن يأتي صاحبه وهو غافل فيشد عليه فيقتله.
قوله: (وقيل: نزل منزلاً تفرق الناس) نحوه رواه الشيخان عن جابر.
قوله: (في العضاه)، النهاية: العضاه: شجر أم غيلان، وكل شجر عظيم له شوك، الواحدة: عضة بالتاء.
قوله: (فشام) شام السيف: سلها، وشامها: أغمدها، وهو من الأضداد.