أو يكون على إرادة القول بمعنى وعدهم وقال لهم مغفرة. أو على إجراء (وعد) مجرى "قال" لأنه ضرب من القول. أو يجعل (وعد) واقعاً على الجملة التي هي لهم مغفرة، كما وقع (تركنا) على قوله: (سَلامٌ عَلى نُوحٍ) [الصافات: ٧٩] كأنه قيل:........
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رعاية المطابقة بين البيان والمبين، وقد أتى في البيان باللام، فوجب أن يؤول المبين بما يشتمل عليها، ولذلك قال: "كأنه قيل: قدم لهم وعداً" ليون مورداً للسؤال المتضمن للام، وهو قوله: "أي شيء وعده لهم؟ ونظيره قوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ﴾ [المؤمنون: ٨٦ - ٨٧]، قال الإمام: هذا محمول على المعنى، لأن معناه: لمن السماوات؟ فقيل: لله، ونحوه قول الشاعر:

معاوي إننا بشر فأسجح فلسنا بالجبال ولا الحديدا
قوله: (أو على إجراء ﴿وَعَدَ﴾ مجرى "قال" (. قال الزجاج: "وعد" بمنزلة "قال"؛ لأن الوعد لا ينعقد إلا بالقول.
قوله: (واقعاً على الجملة) أي: هو مفعول به، أي: وعد هذا القول وهو قوله: ﴿لَهُمْ مَغْفِرَةً﴾.
قوله: (كما وقع "تركنا")، قال المصنف: هذه الكلمة، وهي ﴿سَلامٌ عَلَى نُوحٍ﴾ [الصافات: ٧٩]، يعني: يسلمون عليه تسليماً ويدعون له، من الكلام المحكي، كقولك: قرأت ﴿سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا﴾ [النور: ١]، قيل: لو لم يكن على الحكاية لكان القياس "سلاماً"؛ لأنه مفعول "تركنا"، أي: تركنا سلاماً عليه.


الصفحة التالية
Icon