المفردات في غريب القرآن، ص : ٣٥٥
الأخرويّة لا غير. والرَّاشِدُ والرَّشِيدُ يقال فيهما جميعا، قال تعالى : أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ
[الحجرات / ٧]، وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ
[هود / ٩٧].
رص
قال تعالى : كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ
[الصف / ٤]، أي : محكم كأنما بني بالرَّصَاصِ، ويقال : رَصَصْتُهُ ورَصَّصْتُهُ، وتَرَاصُّوا في الصلاة. أي : تضايقوا فيها. وتَرْصِيصُ المرأة : أن تشدّد التّنقّب، وذلك أبلغ من التَّرَصُّصُ.
رصد
الرَّصَدُ : الاستعداد للتّرقّب، يقال : رَصَدَ له، وتَرَصَّدَ، وأَرْصَدْتُهُ له. قال عزّ وجلّ : وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ
[التوبة / ١٠٧]، وقوله عز وجل : إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ
[الفجر / ١٤]، تنبيها أنه لا ملجأ ولا مهرب.
والرَّصَدُ يقال لِلرَّاصِدِ الواحد، وللجماعة الرَّاصِدِينَ، ولِلْمَرْصُودِ، واحدا كان أو جمعا.
وقوله تعالى : يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً [الجن / ٢٧]، يحتمل كلّ ذلك. والمَرْصَدُ : موضع الرّصد، قال تعالى :
وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ
[التوبة / ٥]، والْمِرْصَادُ نحوه، لكن يقال للمكان الذي اختصّ بِالتَّرَصُّدِ، قال تعالى : إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً [النبأ / ٢١]، تنبيها أنّ عليها مجاز الناس، وعلى هذا قوله تعالى : وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها [مريم / ٧١].
رضع
يقال : رَضَعَ المولود يَرْضِعُ «١»، ورَضِعَ يَرْضَعُ رَضَاعاً ورَضَاعَةً، وعنه استعير : لئيم رَاضِعٌ : لمن تناهى لؤمه، وإن كان في الأصل لمن يرضع غنمه ليلا، لئلّا يسمع صوت شخبه «٢»، فلمّا تعورف في ذلك قيل : رَضُعَ فلان، نحو : لؤم، وسمّي الثّنيّتان من الأسنان الرَّاضِعَتَيْنِ، لاستعانة الصّبيّ بهما في الرّضع، قال تعالى :
وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ
[البقرة / ٢٣٣]، فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ
[الطلاق / ٦]، ويقال : فلان أخو فلان من الرّضاعة، وقال صلّى اللّه عليه وسلم :«يحرم من الرَّضَاعِ ما يحرم من النّسب» «٣»، وقال تعالى : وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ

_
(١) انظر : الأفعال ٣ / ٩١.
(٢) الشّخب : صوت اللبن عند الحلب. [.....]
(٣) الحديث أخرجه ابن ماجة ١ / ٦٢٣ عن عائشة، وأخرجه مالك في الموطأ عنها أيضا أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال : يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة. انظر : تنوير الحوالك ٢ / ١١٧، وشرح الزرقاني ٣ / ٢٤٧.
وأخرجه الترمذي ولفظه :«إنّ اللّه حرّم من الرّضاعة ما حرّم من الولادة».
وقال : هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي وغيرهم، لا نعلم بينهم في ذلك اختلافا. انظر : عارضة الأحوذي ٥ / ٨٨.


الصفحة التالية
Icon