البحر المحيط، ج ٨، ص : ٤٥٣
الرجل ولد غيره صار يرثه. وأدعياء : جمع دعي، فعيل بمعنى مفعول، جاء شاذا، وقياسه فعلى، كجريح وجرحى، وإنما هذا الجمع قياس فعيل المعتل اللام بمعنى فاعل، نحو :
تقي وأتقياء. شبهوا أدعياء بتقي، فجمعوه جمعه شذوذا، كما شذوا في جمع أسير وقتيل فقالوا : أسراء وقتلاء، وقد سمع المقيس فيهما فقالوا : أسرى وقتلى. والبنوة تقتضي التأصل في النسب، والدعوة إلصاق عارض بالتسمية، فلا يجتمع في الشيء الواحد أن يكون أصيلا غير أصيل. ذلِكُمْ : أي دعاؤهم أبناء مجرد قول لا حقيقة لمدلوله، إذ لا يواطئ اللفظ الاعتقاد، إذ يعلم حقيقة أنه ليس ابنه. وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ : أي ما يوافق ظاهرا وباطنا. وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ : أي سبيل الحق، وهو قوله : ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ، أو سبيل الشرع والإيمان. وقرأ الجمهور : يهدي مضارع هدى وقتادة : بضم الياء وفتح الهاء وشد الدال. وأَقْسَطُ : أفعل التفضيل، وتقدم الكلام فيه في أواخر البقرة، ومعناه :
أعدل. ولما أمر بأن يدعى المتبنى لأبيه إن علم قالوا : زيد بن حارثة وَمَوالِيكُمْ ولذلك قالوا : سالم مولى أبي حذيفة. وذكر الطبري أن أبا بكرة قرأ هذه الآية ثم قال : أنا ممن لا يعرف أبوه، فأنا أخوكم في الدين ومولاكم. قال الرازي : ولو علم واللّه أباه حمارا لانتمى إليه، ورجال الحديث يقولون فيه : نفيع بن الحارث. وفي الحديث :«من ادعى إلى غير أبيه متعمدا حرم اللّه عليه الجنة».
فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ، قيل : رفع الحرج عنهم فيما كان قبل النهي، وهذا ضعيف لا يوصف بالخطأ ما كان قبل النهي. وقيل : فيما سبق إليه اللسان. أما على سبيل الغلط، إن كان سبق ذلك إليهم قبل النهي، فجرى ذلك على ألسنتهم غلطا، أو على سبيل التحنن والشفقة، إذ كثيرا ما يقول الإنسان للصغير : يا بني، كما يقول للكبير : يا أبي، على سبيل التوقير والتعظيم. وما عطف على ما أخطأتم، أي ولكن الجناح فيما تعمدت قلوبكم. وأجيز أن تكون ما في موضع رفع بالابتداء، أي ولكن ما تعمدت قلوبكم فيه الجناح. وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً للعامد إذا تاب، رَحِيماً حيث رفع الجناح عن المخطئ.
وكونه، عليه السلام، أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ : أي أرأف بهم وأعطف عليهم، إذ هو يدعوهم إلى النجاة، وأنفسهم تدعوهم إلى الهلاك. ومنه
قوله، عليه السلام :«أنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تقتحمون فيها تقحم الفراش».
ومن حيث ينزل لهم منزلة الأب. وكذلك في مصحف أبي، وقراءة عبد اللّه : وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ : وهو أب لهم، يعني في الدين. وقال مجاهد : كل نبي أبو أمته. وقد قيل في قول لوط عليه