البحر المحيط، ج ٦، ص : ٣٦٥
الحديث :«سبحان من يسبح الرعد بحمده»
وعن علي :«سبحان من سبحت له إذا اشتد الرعد»
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم :«اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك»
ومن بدع المتصوفة : الرعد صعقات الملائكة، والبرق زفرات أفئدتهم، والمطر بكاؤهم انتهى. وقال ابن عطية : وقيل في الرعد أنه ريح يختنق بين السحاب، روى ذلك عن ابن عباس. وهذا عندي لا يصح لأنّ هذا نزغات الطبيعيين وغيرهم من الملاحدة. وقال أبو عبد اللّه الرازي : اعلم أن المحققين من الحكماء يذكرون أن هذه الآثار العلوية إنما تتم بقوى روحانية فلكية، وللسحاب روح معين من الأرواح الفلكية يدبره، وكذا القول في الرياح، وفي سائر الآثار العلوية. وهذا عين ما قلناه أن الرعد اسم لملك من الملائكة يسبح اللّه تعالى، فهذا الذي قاله المفسرون بهذه العبارة هو عين ما ذكره المحققون من الحكماء، فكيف بالعاقل الإنكار؟ انتهى. وهذا الرجل غرضه جريان ما تنتحله الفلاسفة على مناهج الشريعة، وذلك لا يكون أبدا، وقد تقدمت أقوال المفسرين في الرعد في البقرة، فلم يجمعوا على أنّ الرعد اسم لملك. وعلى تقدير أن يكون اسما لملك، لا يلزم أن يكون ذلك الملك يدبر لا السحاب ولا غيره، إذ لا يستفاد مثل هذا إلا من النبي صلّى اللّه عليه وسلّم المشهود له بالعصمة، لا من الفلاسفة الضلال. والظاهر عود الضمير في قوله : من خيفته، على اللّه تعالى كما عاد عليه في قوله : بحمده. ومعنى خيفته : من هيبته وإجلاله. وقيل : يعود على الرعد. والملائكة أعوانه، جعل اللّه له ذلك فهم خائفون خاضعون طائعون له. والرعد وإن كان مندرجا تحت لفظ الملائكة، فهو تعميم بعد تخصيص انتهى. وهو قول ضعيف. ومن مفعول فيصيب، وهو من باب الإعمال، أعمل فيه الثاني إذ يرسل يطلب من وفيصيب يطلبه، ولو أعمل الأول لكان التركيب : ويرسل الصواعق فيصيب بها على من يشاء، لكن جاء على الكثير في لسان العرب المختار عند البصريين وهو إعمال الثاني. ومفعول يشاء محذوف تقديره : من يشاء إصابته. وفي الخبر أنّ الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم بعث إلى جبار من العرب ليسلم فقال : أخبرني عن إله محمد؟ أمن لؤلؤ هو أم من ذهب؟ فنزلت عليه صاعقة ونزلت الآية فيه.
وقال مجاهد : ناظر يهودي الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم، فبينا هو كذلك نزلت صاعقة فأخذت قحف رأسه، فنزلت الآية فيه.
وقال ابن جريج : سبب نزولها قصة أربد بن ربيعة وعامر بن الطفيل، وذكر قصتهما المشهورة مضمونها أن عامرا توعد الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم إذا لم يجبه إلى ما طلب، وأنه وأربد راما الفتك به، فعصمه اللّه تعالى، وأصاب عامرا بغدّة فمات غريبا، وأربد بصاعقة فقتلته،
ولأخيه لبيد فيه عدة مراث منها قوله :