البحر المحيط، ج ٦، ص : ٣٦٤
والطمع، أن وقوع الصواعق يخوف عند لمع البرق، ويطمع في الغيث. قال أبو الطيب :
فتى كالسحاب الجون يخشى ويرتجى يرجى الحيا منه وتخشى الصواعق
وقيل : يخاف البرق المطر من له منه ضرر كالمسافر، ومن في جرينته التمر والزبيب، ومن له بيت يكف، ومن البلاد ما لا ينتفع أهله بالمطر كأهل مصر انتهى. وقوله الأول في تفسير الخوف والطمع، هو قول ابن عباس والحسن الذي تقدم، وقوله : كأهل مصر، ليس كما ذكر، بل ينتفعون بالمطر في كثير من أوقات نمو الزرع، وأنه به ينمو ويجود، بل تمر على الزرع أوقات يتضرر وينقص نموه بامتناع المطر. وأجاز الزمخشري أن يكونا منصوبين على الحال من البرق، كأنه في نفسه خوف وطمع، أو على ذا خوف وطمع. وقال أبو البقاء : خوفا وطمعا مفعول من أجله. وقال الزمخشري : لا يصح أن يكون مفعولا لهما، لأنهما ليسا بفعل الفاعل الفعل المعلل إلا على تقدير حذف المضاف أي :
إرادة خوف وطمع، أو على معنى إخافة وإطماعا انتهى. وإنما لم يكونا على ظاهرهما بفعل الفاعل الفعل المعلل لأن الإرادة فعل اللّه، والخوف والطمع فعل للمخاطبين، فلم يتحد الفاعل في الفعل في المصدر. وهذا الذي ذكره الزمخشري من شرط اتحاد الفاعل فيهما ليس مجمعا عليه، بل من النحويين من لا يشترط ذلك، وهو مذهب ابن خروف.
والسحاب اسم جنس يذكر ويؤنث، ويفرد ويجمع، قال :«والنخل باسقات» «١» ولذلك جمع في قوله : الثقال، ويعني بالماء، وهو جمع ثقيلة. قال مجاهد وقتادة : معناه تحمل الماء، والعرب تصفها بذلك. قال قيس بن أخطم :
فما روضة من رياض القطا كأن المصابيح جودانها
بأحسن منها ولا مزنة ولوح يكشف أوجانها
والدلوج المثقلة، والظاهر إسناد التسبيح إلى الرعد. فإن كان مما يصح منه التسبيح فهو إسناد حقيقي، وإن كان مما لا يصح منه فهو إسناد مجازي. وتنكيره في قوله : فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ «٢» ينفي أن يكون علما لملك. وقال ابن الأنباري : الإخبار بالصوت عن التسبيح مجاز كما يقول القائل : قد غمني كلامك. وقال الزمخشري : ويسبح سامعو الرعد من العباد الراجين للمطر حامدين له، أي : يضجون بسبحان اللّه والحمد للّه. وفي

(١) سورة ق : ٥٠/ ١٠.
(٢) سورة البقرة : ٢/ ١٩. [.....]


الصفحة التالية
Icon