وقال شُرَحْبِيل بن سعد :"وأنت حِل بِهذا البلد" أي حلال ؛ أي هم يحرّمُون مكة أن يقتلوا بها صيداً أو يَعضِدوا بها شجرة، ثم هم مع هذا يستحلون إخراجك وقتلك.
وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (٣)
قال مجاهد وقتادة والضحاك والحسن وأبو صالح :﴿ وَوَالِدٍ ﴾ آدم : عليه السلام.
﴿ وَمَا وَلَدَ ﴾ أي وما نَسَل من ولده.
أقسم بهم لأنهم أَعجبُ ما خلق الله تعالى على وجه الأرض ؛ لما فيهم من التِّبيان والنطق والتدبير، وفيهم الأنبياء والدُّعاة إلى الله تعالى.
وقيل : هو إقسام بآدم والصالحين من ذُرّيته، وأما غير الصالحين فكأنهم بهائم.
وقيل : الوالد إبراهيم.
وما ولد : ذرِّيته ؛ قاله أبو عمران الجَونِيّ : ثم يحتمل أنه يريد جميع ذريته.
ويحتمل أنه يريد المسلمين من ذريته.
قال الفرّاء : وصَلحَتْ "ما" للناس ؛ كقوله :﴿ مَا طَابَ لَكُمْ ﴾ [ النساء : ٣ ] وكقوله :﴿ وَمَا خَلَقَ الذكر والأنثى ﴾ [ الليل : ٣ ] وهو الخالق للذكر والأنثى، وقيل :"ما" مع ما بعدها في موضع المصدر ؛ أي ووالد ووِلادته ؛ كقوله تعالى :﴿ والسمآء وَمَا بناها ﴾ [ الشمس : ٥ ] وقال عكرمة وسعيد بن جُبير :﴿ وَوَالِدٍ ﴾ يعني الذي يولد له.
﴿ وَمَا وَلَدَ ﴾ يعني العاقر الذي لا يُولَد له ؛ وقاله ابن عباس.
و"ما" على هذا نفي.
وهو بعيد، ولا يصح إلا بإضمار الموصول ؛ أي ووالد والذي ما ولد، وذلك لا يجوز عند البصريين.
وقيل : هو عموم في كل والد وكل مولود ؛ قاله عطية العَوفي.
ورُوِي معناه عن ابن عباس أيضاً.
وهو اختيار الطبريّ.
قال الماورديّ : ويحتمل أن الوالد النبيّ ﷺ، لتقدّم ذكره، وما ولد أمّته : لقوله عليه السلام :" إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم " فأقسم به وبأمّته بعد أن أقسم ببلده ؛ مبالغة في تشريفه عليه السلام.
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (٤)
إلى هنا انتهى القَسَم ؛ وهذا جوابه.


الصفحة التالية
Icon