فصل فى التفسير الموضوعى للسورة كاملة


قال الشيخ محمد الغزالى :
سورة البلد
" لا أقسم بهذا البلد " يعنى أقسم بمكة " وأنت حل بهذا البلد" ثاوٍ به تدعو إلى الله على بصيرة. ومع أن البلد حرم يصان فيه الحيوان والنبات، فإن محمدا استبيح واستمرئ العدوان عليه. ولماذا القسم ببلد يقع فيه هذا التناقض؟ لأن الدعوة إلى التوحيد هنا وبناء جيل جديد يرتبط بالله إجابة لدعاء وقع من وراء القرون، يقول فيه إبراهيم وإسماعيل " ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم " ولذلك نحن نفسر " ووالد وما ولد" بأن الوالد هو إبراهيم وأن محمدا من ذرية إسماعيل هو ولده الذى يختم الرسالات ويقيم دولة التوحيد فى الأرض. " لقد خلقنا الإنسان في كبد" إن الجنس الإنسانى يحمل أثقال التكاليف، ولجام الشريعة يحجزه عن تحقيق شهواته. وقد يكفر الإنسان وينكر أنه سيحيا مرة أخرى. لماذا؟ أيعجز الله عن إعادته بعد إماتته؟ " أيحسب أن لن يقدر عليه أحد"؟ وذلك كقوله فى سورة أخرى: " أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه " ؟! ويغتر الإنسان بما أسدى وأنفق من ثروته " يقول أهلكت مالا لبدا "، كثيرا وتلك طبيعة العرب فى الافتخار بالجاه والثراء والعطاء. يقول عنترة: وإذا سكرت فإننى مستهلك مالى وعرضى وافر لم يكلم..! وإذا صحوت فما أقصر عن ندى وكما علمت شمائلى وتكرمى..! وما قيمة هذا كله إذا لقى المرء ربه عريان لا يكسوه إيمان ولا صلاح؟! " أيحسب أن لم يره أحد"؟ إن الله سائل كل امرئ عن ماله " من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه "؟


الصفحة التالية
Icon