[ وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل ] أي هذا تفسير الرؤيا التي رأيتها في منامي وأنا صغير
[ قد جعلها ربي حقاً ] أي صدقاً حيث وقعت كما رأيتها في النوم
[ وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن ] أي أنعم علي بإخراجي من السجن، قال المفسرون : ولم يذكر قصة الجب تكرماً منه، لئلا يخجل إخوته ويذكرهم صنيعهم بعد أن عفا عنهم
[ وجاء بكم من البدو ] أي جاء بكم من البادية لأنهم كانوا أهل إبل وغنم ببادية فلسطين، ذكرهم بنعمة الله على " آل يعقوب " حيث نقلهم من البادية إلى الحضر، وإجتمع شمل الأسرة بمصر، قال الطبري : ذُكر أن يعقوب دخل مصر هو ومن معه من أولاده وأهاليهم وأبنائهم وهم أقل من مائة، وخرجوا منها يوم خرجوا وهم زيادة على ستمائة ألف
[ من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي ] أي أفسد ما بيني وبين إخوتي بالإغواء، قال أبو حيان : وذَكَر هذا القدر من أمر إخوته لأن النعمة إذا جاءت إِثر بلاءٍ وشدة، كانت أحسن موقعا
[ إن ربي لطيف لما يشاء ] أي لطيف التدبير يحفق مشيئتَه بلطفِ ودقة خفية، لا يحسها الناس ولا يشعرون بها
[ إنه هو العليم الحكيم ] أي العليم بخلقه الحكيم في صنعه، قال المفسرون : إن يعقوب عليه السلام أقام مع يوسف في مصر أربعاً وعشرين سنة ثم مات، وكان قد أوصى أن يُدفن بالشام إلى جنب أبيه إسحق، فمضى يوسف بنفسه ودفنه ثمة، ثم لما عاد إلى مصر عاش بعد أبيه ثلاثاً وعشرين سنة، فلما تم أمره وعلم أنه لا يدوم تاقت نفسه إلى النعيم الدائم الخالد، واشتاق الى لقاء الله، وإلى آبائه الصالحين (إبراهيم وإسحق ) فقال
[ رب قد آتيتني من الملك ] أي أعطيتني العز والجاه والسلطان، وذلك من نعمة الدنيا
[ وعلمتني من تأويل الأحاديث ] أي علمتني تفسير الرؤيا، وذلك من نعمة العلم
[ فاطر السموات والأرض ] أي يا مبدع السموات والأرض وخالقهما على غير مثال سابق
[ أنت وليي في الدنيا والآخرة ] أي أنت يا رب متولي أموري وشئوني في الدارين
[ توفني مسلما وألحقني بالصالحين ] أي اقبضني إليك مسلما، واجعل لحاقي بالصالحين، ابتهل إلى ربه أن يحفظ عليه إسلامه حتى يموت عليه، وإلى هنا تنتهي قصة يوسف الصديق، ثم يأتي التعقيب بعد ذلك بإقامة البرهان على صحة نبوة محمد عليه الصلاة والسلام
[ ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك ] أي ذلك الذي أخبرناك عنه يا أيها الرسولُ من أمر يوسف وقصته، من الأخبار المغيبة التي لم تكن تعلمها قبل الوحي، وإنما نُعلمك نحن بها على أبلغ وجه وأدق تصوير، ليظهر صدقك في دعوى الرسالة
[ وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون ] أي وما كنت حاضراً مع إخوة يوسف، حين تآمروا على أخيهم، وأجمعوا أمرهم على إلقائه في الجب وهم يحتالون ويمكرون به وبأبيه ليرسله معهم، فإنك يا محمد لم تشاهدهم حتى تقف على حقيقة القصة وإنما جاءتك بوحي من العليم الخبير
[ وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ] هذه تسلية للنبي (ص) أي ليس أكثر الخلق ولو حرصتَ على إيمانهم وبالغتَ في إرشادهم بمصدقين لك لتصميمهم على الكفر
[ وما تسألهم عليه من أجر ] أي وما تطلب منهم على هذا النصح، والدعاء إلى الخير والرشد أجرة حتى يثقل ذلك عليهم
[ إن هو إلا ذكر للعالمين ] أي ما هذا القرآن الا عظة وتذكير للعالمين، وأنت لا تطلب في تلاوته عليهم مالاً، فلو كانوا عقلاء لقبلوا ولم يتمردوا
[ وكأين من آية في السموات والأرض ] أي كم من الآيات والعلامات الدالة على وجود الله جل وعلا ووحدانيته، الكائنة في السنوات والأرض، كالشمس والقمر والنجوم، والجبال والبحار والأشجار، وسائر ما فيهما من العجائب
[ يمرون عليها ] أي يشاهدونها ليلَ نهار، ويمرون عليها بالعشي والإبكار