[ وهم عنها معرضون ] أي لا يفكرون فيها ولا يعتبرون، فلا تتعجب من إعراضهم عنك فإن إعراضهم عن هذه الآيات الدالة على وحدانية الله وقدرته أغرب وأعجب
[ وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ] أي لا يؤمن أكثر هؤلاء المكذبين من قومك إلا إذا أشركوا مع الله غيره، فإنهم يقرون بأن الله هو الخالق الرازق ويعبدون معه الأصنام قال ابن عباس : ومن ذلك قولهم في تلبيتهم :" لبيك لا شريك لك، إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك "
[ أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله ] أفأمن هؤلاء المكذبون عقوبة من عذاب الله تغشاهم وتشملهم ؟
[ أو تأتيهم الساعة بغتةً وهم لا يشعرون ] أي أو تأتيهم القيامة بأهوالها فجأة من حيث لا يشعرون ولا يتوقعون ؟ والاستفهام إنكاري وفيه معنى التوبيخ
[ قل هذه سبيلي ] أي قل يا محمد هذه طريقي ومنهاجي واضحة مستقيمة لا عوج فيها ولا شك ولا شبهة
[ أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ] أي أدعو إلى عبادة الله وطاعته، على بيان وحجة واضحة أنا ومن آمن بي
[ وسبحان الله وما أنا من المشركين ] أي وأنزهه سبحانه عن الشركاء والأنداد، فأنا مؤمن موحد ولست من المشركين
[ وما أرسلنا من قبلك الا رجالاً نوحي إليهم ] أي وما أرسلنا من قبلك يا محمد إلا رجالاً من البشر لا ملائكة من السماء، قال الطبرى : أي رجالاً لا نساءً ولا ملائكة نوحي إليهم آياتنا للدعاء إلى طاعتنا، والآية رد على من أنكر أن يكون النبي من البشر، أو زعم أن في النساء نبيات
[ من أهل القرى ] أي من أهل المُدن والأمصار لا من أهل البوادي، قال الحسن : لم يبعث الله نبياً من أهل البادية قط ولا من النساء ولا من الجن، قال المفسرون : وإنما كانوا من أهل الأمصار لأنهم أعلم وأحلم، وأهل البوادي فيهم الجهل والجفاء والقسوة
[ أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ] أي أفلم يسر هؤلاء المكذبون في الأرض فينظروا نظر تفكر وتدبر ما حل بالأمم السابقين ومصارع المكذبين فيعتبرون بذلك ؟ والاستفهام للتوبيخ
[ ولدار الأخرة خير للذين اتقوا ] أي الدار الآخرة خير للمؤمنين المتقين من هذه الدار التي ليس فيها قرار
[ أفلا تعقلون ] أي أفلا تعقلون فتؤمنون ! !
[ حتى إذا استيأس الرسل ] أي يئس الرسل من إيمان قومهم
[ وظنوا أنهم قد كذبوا ] أي أيقن الرسل أن قومهم كذبوهم
[ جاءهم نصرنا ] أي أتاهم النصر عند اشتداد الكرب، ففي اللحظة التي تستحكم فيها الشدة، ويأخذ فيها الكرب بالمخانق، ولا يبقى أمل في غير الله، في هذه اللحظة يجيء النصر كاملا حاسماَ فاصلا
[ فنجي من نشاء ] أي فنجينا الرسل والمؤمنين بهم دون الكافرين
[ ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين ] أي ولا يُرد عذابنا وبطشنا عن المجرمين إذا نزل بهم
[ لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ] أي لقد كان في قصة يوسف وإخوته عظة وتذكرة لأولي العقول النيرة
[ ما كان حديثاً يفترى ] أي ما كان هذا القرآن أخباراً تروى أو أحاديث تختلق
[ ولكن تصديق الذى بين يديه ] أي ولكن كان هذا القرآن مصدقاً لما سبقه من الكتب السماوية المنزلة من قبل
[ وتفصيل كل شيء ] أي تبيان كل ما يَحتاج إليه الناسُ من أحكام الحلال والحرام، والشرائع والأحكام
[ وهديً ورحمة لقوم يؤمنون ] أي وهداية من الضلالة ورحمة من العذاب لقوم يصدقون به ويعملون بأوامره ونواهيه.
البلاغة :
١ - [ تالله إنك لفي ضلالك ] أكدوا كلامهم (بالقسم وإن واللام ) وهذا الضرب يسمى [ إنكارياً ] لتتابع أنواع المؤكدات.
٢ - [ ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ] جملة [ إن شاء الله ] دعائية جيء بها للتبرك وفي الآية تقديم وتأخير تقديره : ادخلوا مصر آمنين إن شاء الله.