تتحدث الآيات عن مجىء أسرة يعقوب بأسرهم إلى مصر، ودخولهم على يوسف وهو في عز السلطان وعظمة الملك، وتحقيق الرؤيا بسجود إخوته الأحد عشر له مع أبيه وأمه، وإجتماع الشمل بعد الفرقة، وحلول الأنس بعد الكدر، ثم تختم السورة الكريمة بتوجيه الأنظار الى عجائب الكون الدالة على القدرة والوحدانية، وما في قصص القرآن من العبر والعظات [ لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ] ! !.
اللغه :
[ تفندون ] تنسبوني إلى الخَرَف، قال الأصمعي : إذا كَثر كلام الرجل من خَرَف فهو المفنَد، وقال الزمخشري : التفنيد : النسبة إلى الفَنَد وهو الخَرَف وإنكار العقل من هرم يقال : شيخ مُفنَد ولا يقال عجوز مُفندَة، لأنها لم تكن في شبيبتها ذات رأي فتفند في كبرها
[ ضلالك ] ذهابك عن الصواب
[ البدو ] البادية
[ نزغ ] أفسد وأغوى وأصله من نزغ الراكب الدابة إذا نخسها ليحملها على الجري
[ فاطر ] مبدع ومخترع وأصله من فطر إذا شنق ثم صار عبارة عن الخلق والإيجاد
[ غاشية ] عذاب يغشاهم
[ بغتة ] فجأة
[ بأسنا ] عذابنا
[ عبرة ] عظة وتذكرة.
التفسير :
[ ولما فصلت العير ] أي خرجت منطلقة من مصر إلى الشام
[ قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف ] أي قال يعقوب لمن حضر من قرابته إني لأشم رائحة يوسف، قال ابن عباس : هاجت ريح فحملت ريح قميص يوسف وبينهما مسيرة ثمان ليال
[ لولا أن تفندون ] أي تسفهوني وتنسبوني إلى الخَرَف وهو ذهاب العقل، وجواب [ لولا ] محذوف تقديره لأخبرتكم أنه حي
[ قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم ] أي قال حفدته ومن عنده : والله إنك لفي خطأ وذهاب عن طريق الصواب قديم، بإفراطك في محبة يوسف، ولهجك بذكره، ورجائك للقائه، قال المفسرون : وإنما قالوا ذلك لاعتقادهم أن يوسف قد مات
[ فلما أن جاء البشير ] أي فلما جاء المبشر بالخبر السار قال مجاهد : كان البشير أخاه " يهوذا " الذي حمل قميص الدم، فقال : أفرحه كما أحزنته
[ ألقاه على وجهه ] أي طرح البشير القميص على وجه يعقوب
[ فارتد بصيراً ] أي عاد بصيراً لما حدث له من السرور والانتعاش
[ قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون ] أي قال يعقوب لأبنائه : ألم أخبركم بأني أعلم ما لا تعلمونه من حياة يوسف، وأن الله سيرده علىَّ لتتحقق الرؤيا ؟ قال المفسرون : ذكرهم بقوله :[ إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون ] روي أنه سأل البشير كيف يوسف ؟ فقال : هو ملك مصر، قال : ما أصنع بالملك ! على أي دين تركتَه ؟ قال : على دين الإسلام، قال : الآن تمت النعمة
[ قالوا يا أبانا إستغفر لنا ذنوبنا ] طلب أبناوه أن يستغفر لهم لما فرط منهم ثم اعترفوا بخطأهم بقولهم :
[ إنا كنا خاطئين ] أيَ مخطئين فيما ارتكبنا مع يوسف
[ قال سوف أستغفر لكم ربي ] وعدهم با لاستغفار، قال المفسرون : أخرَّ ذلك إلى السحَر ليكون أقرب إلى ا لإجابة، وقيل : أخرهم إلى يوم الجمعة ليتحرى ساعة الإجابة (( يقول سيد قطب عليه الرحمة : وحكاية عبارته بكلمة ﴿سوف ﴾ لا تخلو من إشارة إلى قلب إنساني مكلوم، فإنه يعدهم بالاستغفار بعد أن يصفو ويسكن ويستريح ))
[ إنه هو الغفور الرحيم ] أي الساتر للذنوب الرحيم بالعباد
[ فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه ] أي فلما دخل يعقوب وأبناؤه وأهلوهم على يوسف ضم إليه أبويه واعتنقهما
[ وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ] أي ادخلوا بلدة مصر آمنين من كل مكروه، وإنما قال :[ إن شاء الله ] تبركاً وتيمناً
[ ورفع أبويه على العرش ] أي أجلسهما على سرير الملك بجانبه
[ وخروا له سجدا ] أي سجد له أبوه وأمه وإخوته حين دخولهم عليه، قال المفسرون : كان السجود عندهم تحية وكرامة، لا عبادة، وهو جائز في شريعتهم ومحرم في شريعتنا