والحال أنه لا ﴿يحيق﴾ أي يحيط إحاطة لازمة ضارة ﴿المكر السيىء﴾ أي الذي هو عريق في السوء ﴿إلا بأهله﴾ وإن آذى غير أهله، لكنه لا يحيط بذلك الغير، وعن الزهري أنه قال : بلغنا أن النبي ﷺ قال "لا تمكروا ولا تعينوا ماكراً فإن الله يقول هذه الاية، ولا تبغوا باغياً يقول الله ﴿إنما بغيكم على أنفسكم﴾ ولا تنكثوا ولا تعينوا ناكثاً قال الله :﴿ومن نكث فإنما ينكث على نفسه﴾ ".
ولما كان هذا سنة الله التي لا تبديل لها، قال مسبباً عن ذلك :﴿فهل ينظرون﴾ أي ينتظرون، ولعله جرد الفعل إشارة إلى سرعة الانتقام من الماكر المتكبر، ويمكن أن يكون من النظر بالعين لأنه شبه العلم بالانتقام من الأولين مع العلم بأن عادته مستمرة، لأنه لا مانع له منها لعظيم تحققه وشدة استيقانه وقوة استحضاره بشيء محسوس حاضر لا ينظر شيء غيره في ماض ولا آت لأن غيره بالنسبة إليه عدم.
ولما جعل استقبالهم لذلك انتظاراً منهم له، وكان الاستفهام إنكاريا، فكان بمعنى النفي قال :﴿إلا سنت الأولين﴾ أي طريقتهم في سرعة أخذ الله لهم وإنزال العذاب بهم.


الصفحة التالية
Icon