ولما كان هذا النظر يحتاج إلى صفاء في اللب وذكاء في النفس، عدل عن ضميرهم إلى خطاب أعلى الخلق، تنبيهاً على أن هذا مقام لا يذوقه حق ذوقه غيره، فسبب عن حصر النظر أو الانتظار في ذلك قوله، مؤكداً لأجل اعتقاد الكفرة الجازم بأنهم لا يتغيرون عن حالهم وأن المؤمنين لا يظهرون عليهم :﴿فلن تجد﴾ أي اصلاً في وقت من الأوقات ﴿لسنت الله﴾ أي طريقة الملك الأعظم التي شرعها وحكم بها، وهي إهلاك العاصين وإنجاذ الطائعين ﴿تبديلاً﴾ أي من أحد يأتي بسنة أخرى غيرها تكون بدلاً لها لأنه لا مكافئ له ﴿ولن تجد لسنت الله﴾ أي الذي لا أمر لأحد معه ﴿تحويلا*﴾ أي من حالة إلى أخفى منها لأنه لا مرد لقضائه، لأنه لا كفوء له، وفي الآية أن أكثر حديث النفس الكذب، فلا ينبغي لأحد أن يظن بنفسه خيراً ولا أن يقضي على غائب إلا أن يعلقه بالمشيئة تبرؤا من الحول والقوة لعل الله يسلمه في عاقبته.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٣٤
ولما بيّن أن حالهم موجب ولا بد للإيقاع بهم لما ثبت من أيام الله، وأنكر ذلك عليهم، وكان التقدير : ألم يسمعوا أخبار الأولين المرة وأحوالهم المستمرة من غير
٢٣٦