الأول: أنه يقتضى التخيير بين الصوم والإفطار مع الإطعام ؛ لأن معنى الكلام وعلى الذين يطيقونه ولا يصومونه فدية. فعلى هذا يكون الكلام منسوخاً بقوله تعالى: ((فمن شهد منكم الشهر فليصمه))(١) وهو منقول عن كثير من السلف.
الثانى: أنه محكم وغير منسوخ وأن فيه إضماراً تقديره: وعلى الذين كانوا يطيقونه أو لايطيقونه - هذا تقدير آخر - فدية. واشير بذلك إلى الشيخ الفانى الذى يعجز عن الصوم والحامل التى تتأذى بالصوم والمرضع. وهو رأى منسوب إلى بعض السلف.(٢)
وهذا المثال كما صلح لصورة السبب الذى معنا الآن فإنه يصلح كذلك لصورة السبب الثامن وهو احتمال الإضمار أو الاستقلال.
ومنه أيضاً خلافهم حول قوله تعالى :((وجاهدوا فى الله حق جهاده)) (٣) على قولين:
الأول: هى منسوخة لأن فعل ما فيه وفاء لحق الله لا يتصور من أحد إذ لا قدرة لأحد على أداء حق الله كما ينبغى، والناسخ هو قوله تعالى: ((لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)) (٤) أو قوله تعالى: ((فاتقوا الله ما استطعتم)) (٥)
الثانى: هى محكمة لأن حق الجهاد يكون فى المجاهدة وبذل الإمكان مع صحة المقصد. (٦) فعلى هذا تكون الآية محكمة وغير منسوخة.
ومثل ذلك أيضاً قوله تعالى: ((اتقوا الله حق تقاته)) (٧) مع قوله تعالى: ((فاتقوا الله ما استطعتم)) (٨)
وأما السبب الثانى عشر:
وهو اختلاف الرواية فى التفسير عن النبى - ﷺ - وعن السلف - رضى الله عنهم - فمثاله: ما حكى من خلاف حول تفسير قوله تعالى: ((إنما المشركون نجس)) (٩)، فقد قيل "نجس" يعنى أنجاس الأبدان، ولذلك قال الحسن: من صافحهم فليتوضأ.
(٢) نواسخ القرآن لابن الجوزى - ص٦٥: ٦٩ بتصرف.
(٣) سورة الحج: ٧٨.
(٤) سورة البقرة: ٢٨٦.
(٥) سورة التغابن: ١٦
(٦) نواسخ القرآن لابن الجوزى - ص١٩٦.
(٧) سورة آل عمران: ١٠٢.
(٨) سورة التغابن: ١٦.
(٩) سورة التوبة: ٢٨.