قال السيوطى فى الدر المنثور: أخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس - رضى الله عنهما - قال: قال رسول - ﷺ - "من صافح مشركاً فليتوضأ أو ليغسل كفيه"، وأخرج ابن مردويه عن هشام بن عروة عن أبيه عن جده قال: "استقبل رسول الله - ﷺ - جبريل عليه السلام فناوله يده فأبى أن يتناولها، فقال: يا جبريل ما منعك أن تأخذ بيدى ؟ فقال: إنك أخذت بيد يهودى فكرهت أن تمس يدى يداً قد مستها يد كافر، فدعا رسول الله - ﷺ - بماء فتوضأ فناوله يده فتناولها" (١)
وقيل: ليست النجاسة هنا نجاسة الأبدان بل هو خبث الطوية وسوء النية، وليس أخبث ولا أسوء من الشرك الذى انطوت عليه صدورهم وظهر على أعمالهم شئ.
قال ابن الجوزى:
وقيل: إنهم كالأنجاس لتركهم ما يجب عليهم من غسل الجنابة، وإن لم تكن أبدانهم أنجاساً، قاله قتادة.
وقيل: إنه لما كان علينا اجتنابهم كما تجتنب الأنجاس، صاروا بحكم الاجتناب كالأنجاس. وهذا قول الأكثرين، وهو الصحيح هكذا قال ابن الجوزى. (٢)
ويتأيد هذا الرأى بما ورد من أن النبى - ﷺ - توضأ من مزادة مشرك ولم يغسلها، واستعار من صفوان دروعاً ولم يغسلها، وكانت القصاع تختلف من بيوت أزواج النبى - ﷺ - إلى الأسارى ولا تغسل، وكان أصحاب النبى - ﷺ - يطبخون فى أوانى المشركين ولا تغسل. (٣)
هذا مثال واضح لاختلاف الروايات عن النبى - ﷺ - وعن السلف الذى ينتج عنه اختلاف المفسرين.
كون اختلاف القراءات من
أسباب الخلاف بين المفسرين
(٢) زاد المسير - ٣/٣١٦.
(٣) محاسن التأويل للقاسمى - ٨/١٦٣، و أنظر: فتح القدير - ٢/٤٣٤.