قال بعض العلماء: هو مقدم فى التلاوة، مؤخر فى المعنى على قوله تعالى: ((وإذ قتلتم نفساً فادارءتم فيها)) (١) لأن أمر موسى لقومه بأن يذبحوا بقرة كان فى الترتيب الزمنى بعد قصة القتل المذكورة فى الآية الثانية. ولذا جوز هؤلاء أن تكون قصة البقرة مؤخرة فى النزول عن قصة القتل.
قال الشوكانى: ويجوز أن يكون ترتيب نزولها على حسب تلاوتها، فكأن الله أمرهم بذبح البقرة حتى ذبحوها، ثم وقع ما وقع من أمر القتل فأمروه أن يضربوه ببعضها، ثم علق بقوله: هذا على فرض أن الواو تقتضى الترتيب، وقد تقرر فى علم العربية أنها لمجرد الجمع من دون ترتيب ولا معية. (٢)
ومنه أيضاً قوله تعالى: ((إنى متوفيك ورافعك إلى )) (٣) وهو قول الله تعالى لسيدنا عيسى عليه السلام، اختلف فيه على أقوال:
فقيل: هو من المقدم والمؤخر، أى رافعك إلى ومتوفيك وهذا على أساس أن المراد بالتوفى هنا الموت، إذ قرر القرآن ذلك فى آية أخرى ((وما قتلوه يقينا ٠ بل رفعه الله إليه)) (٤)
فنفى القرآن عنه القتل، وأثبت له الرفع، فدل على أنه رفع حياً.
وقيل : ليس المراد بالتوفى هنا قبض الروح وانتهاء الأجل، بل هو استيفاء الحق أى موفيك حقك ورافعك.
وقيل: إن التوفى هنا هو النوم، وفى القرآن الكريم ما يؤيد هذه التسمية، قال تعالى: ((الله يتوفى الأنفس حين موتها والتى لم تمت فى منامها)) (٥)
فعلى الرأى الأول يكون فى الكلام تقديم وتأخير، وعلى الرأيين الآخرين فالكلام على ترتبيه.
وأما السبب الحادى العشر:
وهو احتمال أن يكون الحكم منسوخاً أو محكماً، فمثاله: اختلافهم حول قوله تعالى: ((وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين)) (٦)
قال ابن الجوزى: اختلف المفسرون فى معنى الآية على قولين:
(٢) فتح القدير - ١/١٢٦.
(٣) سورة آل عمران: ٨٥.
(٤) سورة النساء: ١٥٧، ١٥٨.
(٥) سورة الزمر: ٤٢.
(٦) سورة البقرة: ١٨٤.