ثم قال: فكل قول فيه ذكر نوع داخل فى الآية، وإنما ذكر لتعريف المستمع بتناول الآية له وتنبهه به على نظيره، فإن التعريف بالمثال، قد يسهل أكثر من التعريف بالحد المطابق، وذلك مثل سائل أعجمى سأل عن مسمى لفظ " الخبز " فأرى رغيفاً وقيل له: هذا. فالإشارة إلى نوع هذا، لا إلى هذا الرغيف وحده ا. هـ (١)
ثم تناول ابن تيمية وجوهاً أخرى للخلاف (٢)، داخلة فى اطار خلاف التنوع أحجمت عنها لعدم الإطناب، منعاً للسآمة والملل.
وأما التفسير بالرأى، فقد أرجع ابن تيمية الخلاف فيه لسببين:
أحدهما - قوم اعتقدوا معانى ثم أرادوا حمل ألفاظ القرآن عليها (٣)
والثانى - قوم فسروا القرآن بمجرد ما يسوغ أن يريده بكلامه من كان من الناطقين بلغة العرب من غير نظر إلى المتكلم بالقرآن والمنزل عليه، والمخاطب به.
فالأولون: راعوا المعنى الذى رأوه من نظر إلى ما تستحقه ألفاظ القرآن من الدلالة والبيان.
والآخرون: راعوا مجرد اللفظ، وما يجوز عندهم أن يريد به العربى من غير نظر إلى ما يصلح للمتكلم به، وسياق الكلام. ثم هؤلاء كثيراً ما يغلطون فى احتمال اللفظ لذلك المعنى فى اللغة كما يغلط فى ذلك الذين من قبلهم.
كما أن الأولين كثيراً ما يغلطون فى صحة المعنى الذى فسروا القرآن، كما يغلط فى ذلك الآخرون. وإن كان نظر الأولين إلى المعنى اسبق ا. هـ (٤) هذه بعض أسباب الخلاف بين المفسرين فى نظر ابن تيمية.
أما العلامة ابن جزى فقد ذكر أسباب الخلاف بين المفسرين حاصراً إياها فى اثنى عشر سبباً هى:
١- اختلاف القراءات.
٢- اختلاف وجوه الإعراب وإن اتفقت القراءات.

(١) مقدمة فى أصول التفسير - ص ٥١: ٥٤
(٢) المرجع السابق - ص ٤٨: ٦٧
(٣) يقصد ابن تيمية بذلك أصحاب المذاهب المنحرفة عن طريق أهل السنة ممن أخضعوا آيات القرآن لمعتقداتهم ومذاهبهم كالمعتزلة والروافض وغيرهم.
(٤) مقدمة فى أصول التفسير - ص ٨٤


الصفحة التالية
Icon