آيات من القرآن الكريم

وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَىٰ
ﮕﮖﮗﮘﮙ

(وللآخرة خير لك من الأولى) اللام جواب قسم محذوف أي الجنة خير لك من الدنيا مع أنه صلى الله عليه وآله وسلم قد أوتي في الدنيا من شرف النبوة ما يصغر عنده كل شرف، وتتضاءل بالنسبة إليه كل مكرمة في

صفحة رقم 276

الدنيا، ولكنها لما كانت الدنيا بأسرها مشوبة بالأكدار منغصة بالعوارض البشرية، وكانت الحياة فيها كأحلام نائم أو كظل زائل، لم تكن بالنسبة إلى الآخرة شيئاًً، ولما كانت طريقاً إلى الآخرة وسبباً لنيل ما أعده الله لعباده الصالحين من الخير العظيم بما يفعلونه فيها من الأعمال الموجبة للفوز بالجنة كان فيها خير في الجملة من هذه الحيثية.
وإنما قيد بقوله " لك " لأنها ليست خيراً لكل أحد.
قال البقاعي إن الناس على أربعة أقسام منهم من له الخير في الدارين وهم أهل الطاعة الأغنياء، ومنهم من له الشر فيهما وهم الكفرة الفقراء ومنهم من له صورة خير في الدنيا وشر في الآخرة وهم الكفرة الأغنياء، ومنهم من له صورة شر في الدنيا وخير في الآخرة وهم الفقراء المؤمنون، ذكره الخطيب.
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " عرض عليَّ ما هو مفتوح لأمتي بعدي فأنزل الله " (وللآخرة خير لك من الأولى) أخرجه (١) الطبراني في الأوسط والبيهقي في الدلائل، وعنه قال " عرض على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما هو مفتوح على أمته من بعده فسر بذلك فأنزل الله ".
_________
(١) رواه ابن جرير الطبري ٣٠/ ٢٣٢ من رواية الإمام الأوزاعي عن إسماعيل بن عبيد الله ابن أبي المهاجر المخزومي عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عبد الله بن عباس، ورواه ابن أبي حاتم من طريقه به. قال ابن كثير: وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس، ومثل هذا ما يقال عن توقيف. ورواه الواحدي في " أسباب النزول " ٣٣٨ والحاكم ٢/ ٥٢٦ ورواه الطبراني في " الكبير ". قال الحافظ الهيثمي في " مجمع الزوائد " ٧/ ١٣٩: وإسناد الطبراني في " الكبير " حسن. وأورده السيوطي في " الدر " ٦/ ٣٦١ وزاد نسبته لعبد بن حميد، والبيهقي وأبي نعيم كلاهما في " الدلائل " وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما.

صفحة رقم 277
فتح البيان في مقاصد القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي
راجعه
عبد الله بن إبراهيم الأنصاري
الناشر
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
15
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية