آيات من القرآن الكريم

الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ
ﭭﭮﭯﭰ

قال: ويحتمل أن ينتظم بما هو متصل به على كتاب مرقوم، يظهر يوم القيامة، ثم دل على هذا الإضمار بقوله: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٠)﴾ (١).
١١ - ثم أخبر بهم فقال: ﴿الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ﴾ وهو ظاهر، إلى قوله: "كلا" قال مقاتل: أي لا يؤمن (٢).
١٤ - ثم استأنف: ﴿بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾
قال أبو عبيدة: ران على قلوبهم غلب عليها، والخمر تريِن على قلب السكران، والموت يَرين على الميِّت فيذهب به، وأنشَد لأبي زُبيد (٣) فقال (٤):

ثمَّ لَمَّا رَآه رانتْ به الخمر وأن لا تَرِينَهُ باتِّقاءِ (٥) (٦)
أي غلبت الخمر على قلبه وعقله (٧).
وقال الليث: ران النعاس، والخمر في الرأس: إذا رسخ فيه، وهو
(١) "الوسيط" ٤/ ٤٤٥، "غرائب التفسير وعجائب التأويل" ٢/ ١٣١٨ مختصرًا.
(٢) "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٩.
(٣) أبو زبيد هو المنذر بن حَرْملة من طيء وكان جاهليًا قديمًا وأدرك الإسلام إلا أنه لم يُسلم ومات نصرانيًا، وكان من المعمرين، يقال أنه عاش ١٥٠ سنة، وكان نديم الوليد بن عُقبة. ولم يصف أحد من الشعراء الأسد وصفه.
انظر: "الشعر والشعراء" ١٨٥.
(٤) ساقط من (ع).
(٥) ورد البيت تحت مادة: (رين) في: "تهذيب اللغة" ١٥/ ٢٢٥، "لسان العرب" ١٣/ ١٩٣، "تاج العروس" ٩/ ٢٢٣، "مجاز القرآن" ٢/ ٢٨٩، "الكشف والبيان" ج ١٣/ ٥٤/ ب، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥١، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٥٨، "الحجة" ٦/ ٣٨٦، وكتب التفسير. برواية "وألا" بدلًا من "أن".
(٦) "مجاز القرآن" ٢/ ٢٨٩.
(٧) بيت الشعر وبيان معناه نقله عن "تهذيب اللغة" ١٥/ ٢٢٥: مادة: (رين).

صفحة رقم 323

يَرين رَيْنًا ورُيُونا (١). ومن هذا حديث عمر -رضي الله عنه- في اسَيفِع جُهَينة لما رَكِبه الدين أصبح قَدْ رينَ به (٢).
قال أبو زيد: يقال رِين بالرَّجُل رَيْنًا، إذا وقَع فيما لا يَستطيع الخروج منه ولا قِبلَ له به (٣).
وقال أبو عبيد (٤): كل ما غَلبك وعَلاك فقد ران بك، وران عليك، وأنشد بيت أبي زُبَيْد (٥).
وقال أبو معَاذ النحوي: الرين، أن يسوَّد القلب من الذنوب، والطبع أن يطبع على القلب، وهو أشد من الرين، والإقفال أشد من الطبع وهو أن يقفل على القلب (٦).
وقال الفراء: هو أنه كثرت المعاصي والذنوب فأحاطت بقلوبهم فذلك الرَّين عليها (٧).
وقال أبو إسحاق: ران على قلوبهم بمعنى غطى على قلوبهم، يُقال

(١) ورد قوله في "التفسير الكبير" ٣١/ ٩٥، وانظر: "السان العرب" ١٣/ ٩٣: مادة: (رين)، "تاج العروس" ٩/ ٢٢٣: مادة: (رين).
(٢) ورد في: "البداية والنهاية" ٢/ ٢٩٠ - ٢٩١، كما ورد في كتب اللغة السابق ذكرها، وانظر أيضًا "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٥٨.
(٣) "تهذيب اللغة" ١٥/ ٢٢٥: مادة: (رين)، "الصحاح" ٥/ ٢١٢٩: مادة: (رين)، "لسان العرب" ١٣/ ١٩٢: مادة: (رين).
(٤) في (أ): أبو عبيدة.
(٥) "تهذيب اللغة" ١٥/ ٢٢٥: مادة: (رين).
(٦) ورد قوله في: "تهذيب اللغة" ١٥/ ٢٢٥: ممادة: (رين)، وانظر: "لسان العرب" ١٣/ ١٩٣: مادة: (رين)، "تاج العروس" ٩/ ٢٢٣: مادة: (رين)، "فتح القدير" ٥/ ٤٠٠.
(٧) "معاني القرآن" ٣/ ٢٤٦ بيسير من التصرف.

صفحة رقم 324

ران على قلبه يَرينُ رَيْنًا أي غشيه، والرَّيْن كالصدأ يغشى القلب، ومثله الغين (١) (٢).
قال الحسن (٣)، ومجاهد (٤) هو: الذنب على الذنب حتى تحيط الذنوب بالقلب وتغشاه فيموت القلب، ونحو هذا قال مقاتل: غمر بها أعمالهم الخبيثة (٥)، ومن المفسرين من يجعل الرين: الطبع (٦)،

(١) الغين: قال أبو عبيدة: يعني أنه يتغشى القلب ما يَلبِسُهُ، وكذلك كل شيء تغش شيئا حتى يُلبِسَه فقد غين عليه. "تهذيب اللغة" ٨/ ٢٠٠: مادة: (غين).
وفي اللسان: وغين على قلبه غَيْنًا: تغشَّتْه الشهوة، وقيل غِين على قلبه غُطِّي عليه وأُلْبِسَ. ١٣/ ٣١٦: مادة: (غين).
وعن ابن تيمية أنه قال: الغين ألطف من الرين، واستدل بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: إنه ليغان على قلبي وإني لاستغفر الله سبعين مرة. "صحيح مسلم" ٤/ ٢٠٧٥: كتاب الذكر: باب ١٢ "مجموع الفتاوى" ١٧/ ٥٢٣.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٩٩ بيسير من التصرف.
(٣) ورد بنحو من قوله في "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٣٥٦، "جامع البيان" ٣٠/ ٩٨، "الكشف والبيان" ج ١٣/ ٥٤/ ب، "النكت والعيون" ٦/ ٢٢٩، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٦٠، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٢، "الكشاف" ٤/ ١٩٦، "زاد المسير" ٨/ ٢٠٣، "التفسير الكبير" ٣١/ ٩٥، "البحر المحيط" ٨/ ٤٤١، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١٨، "تفسير الحسن البصري" ٢/ ٤٠٤، "الدر المنثور" ٨/ ٤٤٧، "فتح القدير" ٥/ ٤٠٠.
(٤) ورد معنى قوله في: "تفسير الإمام مجاهد" ٧١١، "جامع البيان" ٣٠/ ٩٨، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٥٧، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١٨، "التفسير الكبير" ٣١/ ٩٥، "الدر المنثور" ٨/ ٤٤٧ وعزاه إلى عبد بن حميد.
(٥) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٦) وهو قول ابن عباس في معنى: الران: قال: هو الطبع. انظر: "جامع البيان" ٣٠/ ٩٩، "الكشف والبيان" ج ١٣/ ٥٤/ ب، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٦٠، والكلبي في "النكت والعيون" ٦/ ٢٢٨.

صفحة رقم 325
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
عدد الأجزاء
1