آيات من القرآن الكريم

الْجَوَارِ الْكُنَّسِ
ﮒﮓﮔ ﮖﮗ ﮙﮚﮛ ﮝﮞﮟ ﮡﮢﮣﮤ ﮦﮧﮨﮩﮪﮫ ﮭﮮﮯ ﮱﯓﯔ ﯖﯗﯘﯙ ﯛﯜﯝﯞﯟ ﯡﯢﯣﯤﯥ ﯧﯨ ﯪﯫﯬﯭﯮ ﯰﯱﯲﯳﯴ ﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽ

(٢٣) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (٢٤) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (٢٥) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (٢٦) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (٢٧) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (٢٨) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٩)
شرح الكلمات:
الخنس: أي التي تخنس بالنهار أي تختفي وتظهر بالليل.
الجوار الكنس: أي التي تجري أحيانا وتكنس في مكانسها أحيانا أخرى والمكانس محل إيوائها كمكانس بقر الوحش وهي الدرارى الخمسة عطارد والزهرة والمريخ والمشتري وزحل.
إذا عسعس: أي أقبل وأدبر لأن عسعس من أسماء الأضداد.
تنفس: أي امتد حتى يصير نهاراً بيناً.
إنه: أي القرآن.
لقول رسول كريم: أي جبريل كريم على الله تعالى وأضيف إليه القرآن لنزوله به.
ذي قوة: أي شديد القوى.
عند ذي العرش مكين: أي عند الله تعالى ذّي مكانة.
مطاع ثم أمين: أي مطاع في السماء تطيعه الملائكة أمين على الوحي.
وما صاحبكم بمجنون: أي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أي ليس به جنون.
ولقد رآه بالأفق المبين: أي ولقد رأى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جبريل على صورته التي خلق عليها بالأفق الأعلى البين من ناحية المشرق.
وما هو على الغيب: أي وما محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الغيب وهو ما غاب من الوحي وخبر السماء.
بضنين: أي ببخيل وفي قراءة بالظاء أي بمتهم فينقص منه ولا يعطيه كله.
وما هو بقول شيطان رجيم: أي وليس القرآن بقول شيطان مسترق للسمع.
فأين تذهبون: أي فأي طريق تسلكون في إنكاركم القرآن وإعراضكم عنه.
ما هو إلا ذكر للعالمين: أي ما القرآن إلا موعظة للجن والإنس.
أن يستقيم: أي يتحرى الحق ويعتقده ويعمل بمقتضاه.
وما تشاءون إلا أن يشاء الله: أي ومن شاء الاستقامة منكم فإنه لم يشأها إلا بعد أن شاءها الله قبله إذ لو لم
يشأها الله ما أشاءها عبده

صفحة رقم 526

معنى الآيات:
لما قرر تعالى عقيدة البعث والجزاء بوصف كامل لأحداثها وكان الوصف من طريق الوحي فافتقر الموضوع إلى صحة الوحي والإيمان به فإذا صح الوحي وآمن به العبد آمن بصحة البعث والجزاء. ومن هنا أقسم تعالى بأعظم قسم على أن القرآن نزل به جبريل على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما يقوله محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو كلام الله ووحيه وليس هو بمجنون يقول ما لا يدري ويهذر بما لا يعني ولا هو بقول شيطان رجيم ممن يسترقون السمع ويلقونه إلى إخوانهم من الكهان بل هو كلام الله صدقا وحقاً وما يخبر به كما يخبر صدق وحق فقال تعالى ﴿فَلا﴾ أي ليس١ الأمر كما تدعون بأن ما يقوله رسولنا هو من جنس ما تقوله الكهنة. ولا مما يقوله الشعراء، ولا هو بكلام مجانين. ولا هو سحر الساحرين أقسم بالخنس الجوار الكنس أي بكل ما يكنس ويجري ويكنس من الظباء وبقر الوحش والكواكب والدراري الخمسة عطارد والزهرة والمريخ والمشتري وزحل. والمراد من الخنوس الاختفاء والكنوس إيواءها إلى مكانسها مواضع٢ إيوائها. وقوله ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَْ﴾ أي أقسم بالليل إذا أقبل أو أدبر إذ لفظ عسعس بمعنى أقبل وأدبر فهو لفظ مشترك بين الإقبال والإدبار ﴿وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ﴾ أي امتد ضوءه فصار نهاراً بيناً أقسم بكل هذه المذكورات على أن القرآن الذي يصف لكم البعث والجزاء حق الوصف هو قول رسول كريم أي جبريل الكريم على ربه ذي قوة لا يقادر قدرها فلا يقدر إنس ولا جن على انتزاع ما عنده من الوحي ولا على زيادة فيه أو نقص منه. عند ذي العرش سبحانه وتعالى مكين أي ذي مكانة محترمة مطاع في السماوات أمين على الوحي هذا أولاً وثانياً والله وما صاحبكم محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿بِمَجْنُونٍ﴾ كما تقولون ﴿وَلَقَدْ رَآه﴾ أي رأى محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جبريل بالأفق المبين رآه على صورته التي خلقه الله عليها وله ستمائة جناح رآه بالأفق ناحية الشرق وقد سد الأفق كله، والأفق بين والنهار طالع. ﴿وَمَا هُوَ﴾ أي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ﴾ ٣ أي بمظنون فيه التهمة بأن يزيد فيه أو ينقص منه أو يبدل فيه أو يغير كما هو ليس ببخيل فيظن فيه أنه يكتم منه شيئاً أو يخفيه بخلاً به أو ينقص منه شحاً به وبخلاً. ﴿وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ﴾ ممن يسترقون السمع ويلقونه إلى أوليائهم من الإنس فيخلطون فيه ويكذبون. وقوله تعالى:

١ فلا أقسم الفاء للتفريع أي لتفريع الكلام اللاحق على السابق وجائز أن تكون لا مزيدة لتقوية القسم، وكونها نافية رداً على باطل المشركين أولا كما في التفسير.
٢ الخنس جمع خانسة وهي التي تخنس. أي تختفي، والكنس جمع كانسة: كنس الظبي إذا دخل كناسه بكسر الكاف وهو البيت الذي يتخذه للمبيت، وقيل الكنوس أن تأوي إلى مكانسها وهي المواضع التي تأوي إليها الوحوش والظباء. قال الأعشى:
فلما أتينا الحي أتلع أنسٌ
كما أتلعت تحت المكانس ربرب
٣ قريء في السبع بظنين ومعناه بمتهم من ظننت كذا وقريء بضنين بالضاد بمعنى بخيل ولذا شرحت الآية مراعياً فيها القراءتين وكلا المعنيين صحيح فلا هو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمتهم على الوحي ولا ببخيل به ولا بغيره.

صفحة رقم 527

سورة الانفطار
مكية وآياتها تسع عشرة آية

بسم الله الرحمن الرحيم

إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (١) وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ (٢) وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (٣) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (٤) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ

صفحة رقم 528
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية