
ثم قال: ﴿لِيَقْضِيَ الله أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً﴾.
أي: فعل ذلك، فيظفركم بعدوكم، وتكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى.
﴿وَإِلَى الله تُرْجَعُ الأمور﴾.
أي: تصير في الآخرة إليه، فيجازي كل نفس بماكسبت.
قوله: ﴿يا أيها الذين آمنوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فاثبتوا﴾، إلى قوله: ﴿مَعَ الصابرين﴾.
هذه الآية تحريض من الله، تعالى، للمؤمنين في الثبات عند لقاء العدو، وأمرهم بذكر الله، سبحانه ﴿كَثِيراً﴾، أي: يذكرونه في الدعاء إليه في النصر على عدوهم، ﴿لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ﴾.
﴿وَأَطِيعُواْ الله﴾ تعالى، ﴿ وَرَسُولَهُ﴾ عليه السلام، أي: فيما أمركم به، ﴿وَلاَ تَنَازَعُواْ﴾، أي: تختلفوا فتفترق قلوبكم، ﴿فَتَفْشَلُواْ﴾، أي: تضعفوا وتجنبوا، ﴿وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾، أي: قوتكم وبأسكم ودولتكم، فتضعفوا، ﴿واصبروا﴾، أي: اصبروا مع نبي الله تعالى، عند لقاء عدوكم، ﴿إِنَّ الله مَعَ الصابرين﴾، أي: معكم.

قال مجاهد، وابن جريج ذهب ريح أصحاب رسول الله ﷺ، حين نازعوه يوم أحد، أي: تركوا أمره، يعني: الرُّماة.
قال ابن زيد، ومجاهد، وغيرهم: (الرِّيحُ) ريح النّصر.
قال ابن زيد: لم يكن نصر قط إلا بريح يبعثها الله تعالى، يضرب بها وجوه العدو، فإذا كان ذلك لم يكن لهم قِوَامٌ.
فمعنى: ﴿وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾.
(أي): الريح التي هي النصر، وعلى ذلك قال قتادة ومجاهد: ﴿رِيحُكُمْ﴾: نصركم.