
﴿وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبُهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٣٤) وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٥) ﴾
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبُهُمُ اللَّهُ﴾ أَيْ: وَمَا يَمْنَعُهُمْ مِنْ أَنْ يُعَذَّبُوا، يُرِيدُ بَعْدَ خُرُوجِكَ مِنْ بَيْنِهِمْ، ﴿وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ أَيْ: يمنعون المؤمنين ١٤٨/أمِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ.
وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْعَذَابِ الْأَوَّلِ عَذَابَ الِاسْتِئْصَالِ، وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ "وما لهم أن أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ" أَيْ: بِالسَّيْفِ.
وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْأَوَّلِ عَذَابَ الدُّنْيَا، وَبِهَذِهِ الْآيَةِ عَذَابَ الْآخِرَةِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: الْآيَةُ الْأُولَى وَهِيَ قَوْلُهُ: "وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ" مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: "وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ" (١).
﴿وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ﴾ قَالَ الْحَسَنُ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَقُولُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاءُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: "وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ" أَيْ: أَوْلِيَاءَ الْبَيْتِ، ﴿إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ﴾ أَيْ: لَيْسَ أَوْلِيَاءُ الْبَيْتِ، ﴿إِلَّا الْمُتَّقُونَ﴾ يَعْنِي: الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَتَّقُونَ الشِّرْكَ، ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ: