
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة عم يتسألونمكية
- قوله تعالى: ﴿عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ * عَنِ النبإ العظيم﴾. إلى قوله: ﴿(مَآءً) ثَجَّاجاً﴾.
أي: عن أي شيء يتساءل هؤلاء [المشركون] يا محمد؟، عن أي شيء يختصمون؟
ف ﴿عَمَّ﴾ تحتاج إلى جواب، وجوابه ﴿عَنِ النبإ العظيم﴾، وكان حقه أن يأتي صفحة رقم 7981

الجواب من المسؤول، وكلن دل عليه/ ﴿عَنِ النبإ العظيم﴾ وقام مقامه، وهو جواب لجوابهم، كأنهم قالوا: عم نتساءل؟ سألوا الجواب من السائل لهم، فقيل لهم: ﴿عَنِ النبإ العظيم﴾.
ذكر أن قريشاً كانت تختصم فيما بينهم [وتتجادل] في الذي دعاهم إليه رسول الله ﷺ من الإيمان بكتاب الله، فنزل هذا في اختاصمهم. ثم بين - جل ذكره - ما الذي هم يختصمون، فقال: ﴿عَنِ النبإ العظيم﴾ (أي: يتساءلون عن النبأ)، ثم حذف لدلالة الأول [عليه]، فتقف على هذا على ﴿يَتَسَآءَلُونَ﴾. وقيل: [إن " عن "] متعلقة بهذا الفعل.
والمعنى: لأي شيء يتساءل هؤلاء عن النبأ العظيم.

فلا تقف على هذا على ﴿يَتَسَآءَلُونَ﴾.
فأما النبأ، فقال مجاهد: " هو القرآن ". وقال: قتادة: " هو البعث بعد الموت ".
وقال ابن زيد: " هو " يوم القيامة ".
- ثم قال: ﴿الذي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ﴾.
أي: منهم مصدق و [منهم] مكذب، إما بالقرآن وإما بالعبث.
قال قتادة: [صار] الناس [فرقتين] في البعث بعد الموت، (فمنهم مكذب)، ومنهم مصدق.
- ثم قال تعالى: ﴿كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ﴾.
أي: ما الأمر كما يزعم هؤلاء أنه لا بعث. ثم قال: ﴿سَيَعْلَمُونَ﴾ على

الوعيد والتهديد، أي: سيعلم (هؤلاء) المنكرون للبعث [وعيد] الله لهم أحق هو أم باطل.
ثم أكد الوعيد فقال: ﴿ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ﴾.
أي: ثم ليس الأمر على ما [قالوا] إنه لا بعث، سيعلمون وعيد الله لهم أحق هو أم باطل.
ويجوز أن يكون " كلا " بمعنى " حَقّاً " في الموضعين، وبمعنى " أَلاَ ".
وهذا التفسير إنما هو على قول من قال: إن [النبأ] العظيم: البعث ويوم القيامة.
فأما من قال هو القرآن فيكون معناه: كلا سيعلمون (عاقبة تكذيبهم لهذا

القرآن ثم كلا سيعلمون) ذلك على التأكيد والوعيد وتكون " كلا " بمعنى (حقاً) أو بمعنى " ألا "، ويجوز أن تكون [بمعنى " لا "]، أي: [لا، لا اختلاف] (في) القرآن، وهو قول نصير ولم يجزه أبو حاتم.
وقال الضحاك تقديره: كلا سيعلم الكافرون ثم كلا سيعلم المؤمنون. فالوقف [على ﴿كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ﴾] الأول وعلى ﴿كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ﴾ الثاني.

والوقف عند أكثرهم على سيعلمون الثاني.
- ثم قال تعالى: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الأرض مهادا * والجبال أَوْتَاداً﴾.
أي: ألم أنعم عليكم أيها الخلق فجعلت لكم الأرض فراشاً تفترشونها، وجعلت الجبال أوتاداً للأرض أن تميد بكم؟!
- ﴿وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً﴾.
- (أي) ذكراناً وإناثاً، وطوالاً وقصاراً؟!
- ﴿وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً﴾.
أي: راحة (لكم ودعة تسكنون كأنكم أموات لا تشعرون؟! والسبات السكون)، وبذلك سمي السبت سبتاً لأنه يوم راحة ودعة.

- ثم قال تعالى: -ayah text-primary">﴿وَجَعَلْنَا اليل لِبَاساً﴾.
أي: غشاء لكم يتغشاكم سواده وتغطيكم ظلمته كما يغطي الثوب لابسه.
قال قتادة ": ﴿اليل لِبَاساً﴾ أي: " سكناً.
- ثم قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا النهار مَعَاشاً﴾.
(سمي النهار معاشاَ لما كان يطلب المعاش فيه. وتقديره: وجعلنا النهار ذا معاش.
قال مجاهد: ﴿مَعَاشاً﴾ أي: " تبتغون فيه من فضل الله ".
- ثم قال تعالى: ﴿وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً﴾.
يعني السبع سماوات. وسمي بناء على عادة العرب، لأنهم يقولون لسقف البيت سماء، ويقولون له بناْ.
ومعنى " شداد " أي: وثاقاً محكمة الخلق، لا صدوع فيهن ولا

فطور، ولا يبليهن [مر] الليالي والأيام عليهن.
- ثم قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً﴾.
(أي): شمساً وقادة مضيئة منيرة.
- قال تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ المعصرات مَآءً ثَجَّاجاً﴾.
أي: من السحائب ماء منصباً يتبع بعضه بعضاً كثج [دماء].
البدن كذا قال ابن عباس ومجاهد والربيع: الثجاج المنصب.
وقال ابن زيد: الثجاج: الكثير.
وأكثرهم على أنه المُنْصَبُّ. وهو اختيار الطبري. ومنه قول النبي ﷺ:

" أَفْضَلُ الْحَجِّ الْعَجُّ والْثَّجُّ ".
[فالعج] رفع الصوت بالتلبية، والثَّجُّ [صَبُّ] دماء الهدايا والبدنِ، قال ابن عباس: المعصرات " السحاب ".
وهو قول سفيان والربيع. وقال الحسن وسعيد/ بن جبير وقتادة: المعصرات: السماء.

وعن ابن عباس ومجاهد وعكرمة وقتادة: المعصرات: الرياح، لأنها تعصر في هبوبها. و (هو) قول ابن زيد.
ويلزم قائل هذا أن تكون القراءة: " وأَنْزَلْنَا بِالْمُعْصِرَاتِ "، وبذلك قرأه عكرمة.
والمُعْصِرُ: المرأة التي قددنا [حيضها] وإن لم تحض، فشبهت السحاب بها [للمطر] الذي فيها.