آيات من القرآن الكريم

وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ
ﯴﯵﯶ ﯸﯹﯺﯻﯼ

وَالرَّبْطُ كَمَا تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا [الْبَقَرَة: ٧٠] وَتَفْصِيلُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [٩٦].
وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: كَذلِكَ إِلَى النَّعِيمِ الْمُشَاهَدِ إِنْ كَانَتِ الْجُمْلَةُ الَّتِي فِيهَا إِشَارَةً مُوَجَّهَةً إِلَى الْمُتَّقِينَ، أَوِ الْإِشَارَةُ إِلَى النَّعِيمِ الْمَوْصُوفِ فِي قَوْلِهِ: فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ إِنْ كَانَتِ الْجُمْلَةُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى اسْمِ الْإِشَارَةِ مُوَجَّهَةً إِلَى الْمُكَذِّبِينَ.
وَالْجُمْلَةُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ تُفِيدُ مَعْنَى التَّذْيِيلِ بِمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ شِبْهِ عُمُومِ كَذَلِكَ، وَمِنْ عُمُومِ الْمُحْسِنِينَ، فَاجْتَمَعَ فِيهَا التَّعْلِيل والتذييل.
[٤٥]
[سُورَة المرسلات (٧٧) : آيَة ٤٥]
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٥)
هِيَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فِي جُمْلَةِ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ [المرسلات: ٤١] تَكْرِيرٌ لِنَظَائِرِهَا وَالْيَوْمُ الْمُضَافُ إِلَى (إِذْ) ذَاتِ تَنْوِينِ الْعِوَضِ هُوَ يَوْمُ صُدُورِ تِلْكَ الْمَقَالَةِ.
وَأَمَّا عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي فِي جُمْلَةِ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ [المرسلات: ٤١] إِلَخْ فَهِيَ مُتَّصِلَةٌ بِتِلْكَ الْجُمْلَةِ لِمُقَابَلَةِ ذِكْرِ نَعِيمِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُطْنَبِ فِي وَصْفِهِ بِذِكْرِ ضِدِّهِ لِلْمُشْرِكِينَ بِإِيجَازٍ حَاصِلٍ مِنْ كَلِمَةِ وَيْلٌ لِتَحْصُلَ مُقَابَلَةُ الشَّيْءِ بِضِدِّهِ وَلِتَكُونَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ تَأْكِيدًا لِنَظَائِرِهَا، وَالْيَوْمُ الْمُضَافُ إِلَى (إِذْ) يَوْمٌ غَيْرُ مَذْكُورٍ وَلَكِنَّهُ مِمَّا يَقْتَضِيهُ كَوْنُ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ وَفَوَاكِهَ لِيَعْلَمَ بِأَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ لَهُمْ فِي يَوْم الْقِيَامَة.
[٤٦]
[سُورَة المرسلات (٧٧) : آيَة ٤٦]
كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (٤٦)
خِطَابٌ لِلْمُشْرِكِينَ الْمَوْجُودِينَ الَّذِينَ خُوطِبُوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ [المرسلات: ٧]، وَهُوَ اسْتِئْنَاف ناشىء عَنْ قَوْلِهِ: إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ [المرسلات: ٤٤] إِذْ يُثِيرُ فِي نُفُوسِ الْمُكَذِّبِينَ الْمُخَاطَبِينَ بِهَذِهِ الْقَوَارِعِ مَا يُكْثِرُ خُطُورُهُ فِي نُفُوسِهِمْ مِنْ أَنَّهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا فِي نِعْمَةٍ مُحَقَّقَةٍ وَأَنَّ مَا يُوعَدُونَ بِهِ غَيْرُ وَاقِعٍ فَقِيلَ لَهُمْ: كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا.
فَالْأَمْرُ فِي قَوْلِهِ: كُلُوا وَتَمَتَّعُوا مُسْتَعْمَلٌ فِي الْإِمْهَالِ وَالْإِنْذَارِ، أَيْ لَيْسَ أَكْلُكُمْ وَتَمَتُّعُكُمْ بِلَذَّاتِ الدُّنْيَا بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ تَمَتُّعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاكُمُ الْعَذَابُ الْأَبَدِيُّ قَالَ

صفحة رقم 445
تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد
عرض الكتاب
المؤلف
محمد الطاهر بن عاشور
الناشر
الدار التونسية للنشر
سنة النشر
1403
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية