آيات من القرآن الكريم

إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا
ﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗ ﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟ ﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲ

منه تسلسل وتردد فتردد لفظه تنبيه على تردد معناه ومنه السلسلة وفى القاموس السلسلة اى بالفتح إيصال الشيء بالشيء وبالكسر دائرة من حديد ونحوه وَأَغْلالًا بها يقيدون اهانة وتعذيبا لا خوفا من الفرار جمع غل بالضم وهو ما تطوق به الرقبة للتعذيب وقد سبق فى الحاقة مفصلا وَسَعِيراً نارا بها يحرقون يعنى وآتشى افروخته كه در ان پيوسته بسوزند.
وانما يجرون الى جهنم بالسلاسل لعدم انقيادهم للحق ويحقرون بأن يقيدوا بالاغلال لعدم تواضعهم لله ويحرقون بالنار لعدم احتراقهم بنار الخوف من الله تعالى وفيه اشارة الى ان الله تعالى أعد للمحجوبين عن الحق المشغولين بالخلق سلاسل التعلقات الظاهرة بحب الدنيا وطلبها وأغلال العوائق الباطنة بالرغبة إليها وفيها ونار جهنم البعد والطرد واللعن وتقديم وعيد الكافرين مع تأخرهم فى مقام الإجمال للجمع بينهما فى الذكر ولان الانذار أهم وأنفع وتصدير الكلام وختمه بذكر المؤمنين احسن على ان فى وصفهم تفصيلا ربما يخل تقديمه بتجاوب أطراف النظم الكريم إِنَّ الْأَبْرارَ شروع فى بيان حسن حال الشاكرين اثر بيان سوء حال الكافرين وإيرادهم بعنوان البر للاشعار بما استحقوا به ما نالوه من الكرامة السنية والأبرار جمع بركرب وأرباب او جمع بار كشاهد وإشهاد وهو من يبر خالقه اى يطيعه يقال بررته ابره كعلمته وضربته وعن الحسن رحمه الله البر من لا يؤذى الذر ولا يضمر الشر كما قيل

ولا تؤذ نملا ان أردت كمالكا فان لما نفسها تطيب كمالكا
وفى المفردات البر خلاف البحر وتصور منه التوسع فاشفق منه البر اى التوسع فى فعل الخير وبر العبد ربه توسع فى طاعته ويشمل الاعتقاد والأعمال الفرائض والنوافل وقال سهل رحمه الله الأبرار الذين فيهم خلق من اخلاق العشرة الذين وعد لهم النبي عليه السلام بالجنة قال عليه السلام ان لله ثلاثمائة وستين خلقا من لقبه بخلق منها مع التوحيد دخل الجنة قال أبو بكر رضى الله عنه هل فى منها يا رسول الله قال كلها فيث يا أبا بكر وأحبها الى الله السخاء يَشْرَبُونَ فى الجنة والشرب تناول كل مائع ماء كان او غيره قال يشربون ابتداء كالمطيعين او انتهاء كالمعذبين من المؤمنين بحكم العدل مِنْ كَأْسٍ هى الزجاجة إذا كانت فيها خمر وتطلق على نفس الخمر ايضا على طريق ذكر المحل وارادة الحال وهو المراد هنا عند الأكثر حتى روى عن الضحاك انه قال كل كاس فى القرآن فانما عنى به الخمر فمن على الاول ابتدائية وعلى الثاني تبعيضية او بيانية كانَ بتكوين الله مِزاجُها اى ما تمزج تلك الكأس به يقال مزج الشراب خلطه ومزاج البدن ويمازجه من الصفراء والسوداء والبلغم والدم والكيفيات المناسبة لكل منها كافُوراً اى ماء كافور وهو اسم عين فى الجنة فى المقام المحمدي وكذا سائر العيون ماؤها فى بياض الكافور ورائحته وبرده دون طعمه وإلا فنفس الكافور لا يشرب ونظيره حتى إذا جعله نارا اى كنار والكافور طيب معروف يطيب به الأكفان والأموات لحسن رائحته واشتقاقه من الكفر وهو الستر لانه يغطى الأشياء برائحته وفى القاموس

صفحة رقم 262

مأخوذ مقيد وان لم يكن مشدودا بذلك والمعنى وأسيرا مأخوذا لا يملك لنفسه نصرا ولا حيلة اى أسير كان فانه عليه السلام كان يوتى بالأسير فيدفعه الى بعض المسلمين فيقول احسن اليه لانه يجب الطعام الأسير الكافر والإحسان اليه فى دار الإسلام بما دون الواجبات عند عامة العلماء الى ان يرى الامام رأيه فيه من قتل او من او فدآء او استرقاق فان القتل فى حال لا ينافى وجوب الإطعام فى حال اخرى ولا يجب إذا عوقب بوجه ان يعاقب بوجه آخر ولذا لا يحسن فيمن يلزمه القصاص ان يفعل به غير القتل او المعنى أسيرا مؤمنا فيدخل فيه المملوك عبدا او أمة وكذا المسبحون. يعنى مسبحون از اهل فقر كه در حقى از حقوق مسلمين حبس كرده باشند. وقد سمى رسول الله ﷺ الغريم أسيرا فقال غريمك أسيرك فأحسن الى أسيرك اى بالامهال والوضع عنه بعضا او كلا وهو كل الإحسان وفى الحديث (من أنظر معسرا او وضع له اظله الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله) اى حماه من حرارة القيامة وقيل الزوجة من الأسراء فى يد الأزواج لما قال عليه السلام اتقوا الله فى النساء فانهن عوانى عندكم والعاني الأسير وفى القاموس العوانى النساء لانهن يظلمن فلا ينتصرون وقال القاشاني الأسير المحبوس فى أسر الطبيعة وقيود صفات النفس وفى التأويلات النجمية ويطمعون طعام المعارف والحكم الالهية المحبوبة لهم مسكين السر لقرب انقياده تحت حكم الروح وذلته تحت عزته ويتيم القلب لبعد عهده ومكانه من أبيه الروح وأسير الأعضاء والجوارح المقيدين بقيود أحكام الشريعة وحبال آثار الطريقة انتهى إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ جز اين نيست كه ميخورانيم شما را اى طعامها براى رضاى خدا. على ارادة قول هو فى موقع الحال من فاعل يطعمون اى قائلين ذلك بلسان الحال او بلسان المقال ازاحة لتوهم المن المبطل للصدقة وتوقع المكافأة المنقصة للاجر

هر چهـ دهى مى ده ومنت منه وآنچهـ بمنت دهى آن خود مده
منت ومزدى كه در احسان بود وقت جزا موجب نقصان بود
وعن الصديقة رضى الله عنها انها كانت تبعث بالصدقة الى اهل بيت ثم تسأل الرسول ما قالوا فاذا ذكر دعاءهم دعت لهم بمثله ليبقى ثواب الصدقة لها خالصا عند الله والوجه الجارحة عبربه عن الذات لكونه اشرف الأعضاء وقال بعضهم الوجه مجاز عن الرضى لان الرضى معلوم فى الوجه وكذا السخط لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً على ذلك بالمال والنفس والفرق بين الجزاء والاجر أن الاجر ما يعود من ثواب العمل دنيويا كان او أخرويا ويقال فيما كان عن عقد وما يجرى مجرى العقد ولا يقال الا فى النافع واما الجزاء فيقال فيما كان عن عقد وغير عقد ويقال فى النافع والضار والمجازاة المكافأة وهى مقابلة نعمة بنعمة هى كفؤها وَلا شُكُوراً اى شكرا باللسان ومدحا ودعاء وهو مصدر على وزن الدخول والجملة تقرير وتأكيد لما قبلها قال القاشاني لا نريد منكم مكافأة وثناء لعدم الاحتجاب بالاعراض والأعواض وفى التأويلات النجمية لا نريد منكم جزاء بالذكر الجميل فى الدنيا ولا شكورا عن عذاب الآخرة إذ كل عمل يعمله العامل لثواب الآخرة لا يكون لوجه الله بل يكون لحظ نفسه كما قال تعالى

صفحة رقم 266
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية