آيات من القرآن الكريم

إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا
ﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉ

(إن الأبرار يشربون من كأس) الأبراز أهل الطاعة والإخلاص والصدق جمع بر أو بار، قال في الصحاح: جمع البر الأبرار، وجمع البار البررة، وفلان يبر خالقه ويبرره أي يطيعه، وقال الحسن: البر الذي لا يؤذي الذر، وقال قتادة: الأبرار الذين يؤدون حق الله ويوفون بالنذر، وقيل هم الصادقون في إيمانهم المطيعون لربهم الذين سمت همتهم عن المحقرات فظهرت في قلوبهم ينابيع الحكمة، وقيل سماهم الأبرار لأنهم بروا الآباء والأبناء، والكأس في اللغة هو الإناء الذي فيه الشراب، وإذا لم يكن فيه الشراب لم يسم كأساً، بل هو إناء، ولا وجه لتخصيصه بالزجاجة بل يكون من الزجاج ومن الذهب والفضة والصيني وغير ذلك، وقد كانت كؤوس العرب من أجناس مختلفة، وقد يطلق الكأس على نفس الخمر كما في قول الشاعر:
وكأس شربت على لذة... وأخرى تداويت منها بها
(كان مزاجها كافوراً) أي ما يخالطها وتمزج به، يقال مزجه يمزجه مزجاً أي خلطه يخلطه خلطاً ومنه مزاج البدن وهو ما يمازجه من الإخلاط، والكافور قيل هو اسم عين في الجنة يقال لها الكافور أي تمزج خمر الجنة بماء هذه العين، وقال قتادة ومجاهد: تمزج لهم بالكافور وتختم لهم بالمسك، وقال عكرمة: مزاجها طعمها، وقيل إنما الكافور في ريحها لا في طعمها، وقيل إنما أراد الكافور في بياضه وطيب رائحته وبرده، لأن الكافور لا يشرب كما في قوله (حتى إذا جعله ناراً) أي كنار، وقال ابن كيسان: طيبها المسك والكافور والزنجبيل، وقال مقاتل: ليس هو كافور الدنيا وإنما سمى الله ما عنده بما عندكم حتى تهتدي له القلوب.
والجملة في محل جر صفة لكأس، وقيل إن " كان " ههنا زائدة أي من كأس مزاجها كافور، وقرأ عبد الله قافوراً بالقاف بدل الكاف، قال السمين وهذا من التعاقب بين الحرفين.

صفحة رقم 460

عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (٦) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (٧) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (٨) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (٩) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (١٠) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (١١) وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (١٢)
وقوله

صفحة رقم 461
فتح البيان في مقاصد القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي
راجعه
عبد الله بن إبراهيم الأنصاري
الناشر
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
15
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية