آيات من القرآن الكريم

وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا
ﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃ ﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ

وجئنا بآخرين سواهم من جنسهم أمثالهم من الخلق، مخالفين لهم في العمل.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلا) قال: بني آدم الذين خالفوا طاعة الله، قال: وأمثالهم من بني آدم.
قوله: (إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ) يقول: إن هذه السورة تذكرة لمن تذكر واتعظ واعتبر.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة في قوله: (إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ) قال: إن هذه السورة تذكرة.
وقوله: (فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا) يقول: فمن شاء أيها الناس اتخذ إلى رضا ربه بالعمل بطاعته، والانتهاء إلى أمره ونهيه.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (٣٠) يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (٣١) ﴾.
يقول تعالى ذكره: (وَما تَشاءُونَ) اتخاذ السبيل إلى ربكم أيها الناس (إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) ذلك لكم لأن الأمر إليه لا إليكم، وهو في قراءة عبد الله فيما ذُكر (وَما تَشاءُونَ إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ).
وقوله (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا) فلن يعدو منكم أحد ما سبق له في علمه بتدبيركم.
وقوله: (يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ) يقول: يدخل ربكم من يشاء منكم في رحمته، فيتوب عليه حتى يموت تائبا من ضلالته، فيغفر له ذنوبه، ويُدخله جنته (وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) يقول: الذين ظلموا أنفسهم، فماتوا على شركهم، أعدّ لهم في الآخرة عذابا مؤلما موجعا، وهو عذاب جهنم. ونصب قوله: (والظَّالمِينَ)

صفحة رقم 119

لأن الواو ظرف لأعدّ، والمعنى: وأعد للظالمين عذابا أليما. وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله: (ولِلظَّالِمِينَ أعَدَّ لَهُمْ) بتكرير اللام، وفد تفعل العرب ذلك، وينشد لبعضهم:

أقولُ لَهَا إذا سألَتْ طَلاقًا إلامَ تُسارِعينَ إلى فِرَاقي؟ (١)
ولآخر:
فأصْبَحْنَ لا يسأَلْنهُ عَنْ بِمَا بِهِ أصَعَّد فِي غاوِي الهَوَى أمْ تَصَوَّبا؟ (٢)
بتكرير الباء، وإنما الكلام لا يسألنه عما به.
آخر تفسير سورة الإنسان.
(١) جواب قوله "فإذ كان صحيحًا... " وما بينهما فصل.
(٢) الحديث ١٤٨- نقله ابن كثير في التفسير ١: ٤١ عن هذا الموضع، وقد مضى الكلام في هذا الإسناد، وبيان ضعفه: ١٣٧، ١٤١. والذي في الدر المنثور ١: ٨- ٩ "على من أحب أن يضعف عليه العذاب"، والظاهر أنه تصرف من ناسخ أو طابع.

صفحة رقم 120

تفسير سورة والمرسلات

صفحة رقم 121
جامع البيان في تأويل آي القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري
تحقيق
أحمد شاكر
الناشر
مؤسسة الرسالة
الطبعة
الأولى، 1420 ه - 2000 م
عدد الأجزاء
24
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية