آيات من القرآن الكريم

وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا
ﰅﰆﰇﰈﰉﰊ ﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔ ﰖﰗﰘﰙﰚ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗ ﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ ﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃ ﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ

توجيهات للنبي صلّى الله عليه وسلّم [سورة الإنسان (٧٦) : الآيات ٢٣ الى ٣١]
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً (٢٣) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً (٢٤) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٢٥) وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً (٢٦) إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً (٢٧)
نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً (٢٨) إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (٢٩) وَما تَشاؤُنَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (٣٠) يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (٣١)
المفردات:
آثِماً: كثير الإثم. كَفُوراً: شديد التعصب للكفر. بُكْرَةً وَأَصِيلًا: أول النهار وآخره. الْعاجِلَةَ: الدنيا. وَيَذَرُونَ: يتركون.
ثَقِيلًا: شديدا. وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ: ربطنا أوصالهم بعضها إلى بعض بالعروق، وفي القاموس: الأسر: شدة الخلق والخلق، والمراد: أحكمنا خلقهم.
تَذْكِرَةٌ: عظة وعبرة.
لقد جمعت هذه السورة بين تذكير الإنسان بخلقه ونشأته ثم تكليفه بالشرائع، ووعظه ببيان أحوال المكذبين يوم القيامة والمؤمنين، ومع هذا فقد ظل المشركون على

صفحة رقم 798

ما هم عليه، فكان من الخير أن تختم السورة بتوجيهات شديدة للنبي صلّى الله عليه وسلّم تنفعه في هذا الوضع.
المعنى:
إنا نحن نزلنا عليك القرآن يا محمد: نزلناه تنزيلا، فهذا القرآن حق لا شك فيه ولا مراء، وليس عليك إلا اتباعه، وعلينا وحدنا نصرة المؤمنين وخذلان الكافرين، فالأمر كله لله الذي أنزل القرآن كتابا محكما لا يأتيه الباطل أبدا، وإذا كان الأمر كذلك فاصبر لحكم ربك فإنه هو الحكم العدل، سيقضي بينك وبينهم بالقول الفصل، وما عليك شيء سوى الصبر، وإياك أن تطيع منهم آثما كثير الذنوب كعتبة بن ربيعة الذي كان يعرض على النبي أن يترك دينه نظير تزويجه بنتا جميلة من بناته، ولا تطع منهم كفورا قوى الشكيمة في الكفر شديد التعصب للجاهلية كأبى جهل والوليد بن المغيرة، الذي
يروى عنه أنه كان يقول للنبي صلّى الله عليه وسلّم: ارجع عن هذا الأمر وسأعطيك مالا حتى ترضى، ولهذا قال له ربه: اصبر حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا، ولا تطع منهم آثما أو كفورا.
ولهذا لا بد لمقابلة هذه الشدائد من التذرع بسلاح الإيمان القوى: ألا وهو الذكر في الصباح والمساء والغدو والرواح فإنه الحصن الحصين، والسجود لله في الليل وتسبيحه في وقت طويل منه.
وأما هؤلاء الكفار فدعهم لخالقهم فهو أعلم بهم وأدرى، إنهم يحبون العاجلة ويجرون وراء الدنيا وزينتها الفانية، ويتركون وراءهم يوما شديد الهول، يوما تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها، فنحن خلقناهم، وأحكمنا خلقهم وتصويرهم. وإذا شئنا بدلنا بهم أمثالهم تبديلا، فربك على كل شيء قدير، وهذا تهديد لهم كبير.
إن هذه السورة وأمثالها- يا محمد- تذكرة وعظة فمن شاء اتعظ واتخذ إلى ربه سبيل الخير الموصلة للخير في الآخرة. ومن شاء لم يتعظ واتخذ طريق الضلال والإثم والفسوق والعصيان إلى ربه؟ وهذا أسلوب تطمين وتهدئة لخاطر النبي الكريم.

صفحة رقم 799

فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا، إذ السبل مفتحة أمام العبد وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ «١» ولكن اعلموا أن الأمر مع هذا لله، وما تشاءون إلا وقت أن يشاء الله، فللعبد مشيئة جزئية هي مناط الثواب والعقاب، ولله المشيئة الإلهية.
إن الله كان عليما بخلقه حكيما في كل أفعاله.
ثم ختمت السورة ببيان عاقبة الفريقين: أما أحدهما فالله يدخله في رحمته وجنته ورضوانه، وأما الآخر فهم الظالمون وقد أعد الله لهم عذابا أليما.

(١) - سورة البلد آية ١٠.

صفحة رقم 800
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية