آيات من القرآن الكريم

وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ
ﮧﮨﮩﮪ ﮬﮭﮮ ﮰﮱ ﯔﯕﯖ ﯘﯙﯚﯛﯜ ﯞﯟﯠ ﯢﯣﯤﯥ ﯧﯨﯩﯪﯫﯬ ﯮﯯﯰﯱﯲ ﯴﯵﯶ ﯸﯹﯺﯻﯼﯽ ﯿﰀﰁﰂ ﰄﰅﰆﰇ ﰉﰊﰋﰌ ﭑﭒﭓﭔ ﭖﭗ ﭙﭚﭛ ﭝﭞﭟ ﭡﭢﭣ ﭥﭦﭧﭨﭩ ﭫﭬﭭﭮ ﭰﭱﭲﭳ ﭵﭶﭷ ﭹﭺﭻ ﭽﭾﭿﮀ

قوله تعالى: بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ يعني: يقدم ذنوبه، ويؤخر توبته ويقول:
سوف أتوب، ولا يترك الذنوب، وهذا قول ابن عباس رضي الله عنه. وقال عكرمة: لِيَفْجُرَ أَمامَهُ يعني: يريد الذنوب في المستقبل. وقال القتبي: بل يريد الإنسان ليفجر أمامه، فقد كثرت فيه التفاسير. وقال سعيد بن جبير سوف أتوب، وقال الكلبي: يكثر الذنوب، ويؤخر التوبة. وقال آخرون: يتمنى الخطيئة، وفيه قول آخر على طريق الإنكار، بأن يكون الفجور بمعنى: التكذيب بيوم القيامة، ومن كذب بالحق، فقد فجر، وأصل الفجور: الميل. فقيل:
للكاذب والمكذب والفاسق فاجر، لأنه مال عن الحق.
[سورة القيامة (٧٥) : الآيات ٦ الى ٣٠]
يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ (٦) فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ (٧) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (٨) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (٩) يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (١٠)
كَلاَّ لا وَزَرَ (١١) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (١٢) يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ (١٣) بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (١٤) وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ (١٥)
لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ (١٩) كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ (٢٠)
وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (٢١) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (٢٢) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ (٢٣) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ (٢٤) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ (٢٥)
كَلاَّ إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ (٢٦) وَقِيلَ مَنْ راقٍ (٢٧) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ (٢٨) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (٢٩) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ (٣٠)
قوله تعالى: يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ يعني: يسأل متى يوم القيامة، تكذيباً بالبعث.
فكأنه قال: بل يريد الإنسان أن يكذب بيوم القيامة، وهو أمامه، وهو يسأل متى يكون. فبين الله تعالى في أي يوم يكون فقال: فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ يعني: شخص البصر، وتحير. قرأ نافع فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ بنصب الراء، والباقون بالكسر. فمن قرأ بالنصب، فهو من برق يبرق بريقاً، ومعناه: شخص فلا يطرق من شدة الفزع. ومن قرأ بالكسر، يعني: فزع وتحير. وأصله: أن الرجل إذا رأى البرق تحير، وإذا رأى من أعاجيب يوم القيامة، تحير ودهش.
وَخَسَفَ الْقَمَرُ يعني: ذهب ضوؤه وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ يعني: كالثورين المقرنين. ويقال: برق البصر، وخسف القمر. قال كوكب العين ذهب ضوؤه. وروى علي بن أبي طالب، - رضي الله عنه- أنه قال: يجعلان في نور الحجاب. ويقال: جمع الشمس والقمر، يعني: سوى بينهما في ذهاب نورهما، وإنما قال: وجمع الشمس والقمر، ولم يقل وجمعت، لأن المؤنث والمذكر إذا اجتمعا، فالغلبة للمذكر. يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ

صفحة رقم 521

يقول: أين الملجأ من النار؟ قرئ في الشاذ، أين المفر بالكسر للفاء، على معنى: أين مكان الفرار. وقراءة العامة بالنصب، يعني: أين الفرار.
ثم قال: كَلَّا لاَ وَزَرَ يعني: حقاً لا جبل يلجئون إليه، فيمنعهم من النار، ولا شجر يواريهم. والوزر في كلام العرب، الجبل الذي يلتجئ إليه، والوزر والستر هنا، الشيء الذي يستترون به. وقال عكرمة: ولا وزر. يعني: منعه. وقال الضحاك: يعني: لا حصن لهم يوم القيامة. ثم قال عز وجل: إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ
يعني: المرجع يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ
يعني: يسأل ويبين له، ويجازى بما قدم من الأعمال وأخر، من سنة صالحة أو سيئة.
قوله عز وجل: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ
يعني: جوارح العبد شاهدة عليه.
ومعناه على الإنسان من نفسه شاهد، يشهد عليه كل عضو بما فعل. ويقال يعني: جوارح، العبد شاهدة عليه، ومعناه رقيب بعضها على بعض. والبصيرة أدخلت فيها الهاء للمبالغة، كما يقال: رجل علامة. وقال الحسن: على نفسه بصيرة، يعني: بعيوب غيره، الجاهل بعيوب نفسه وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ
يعني: ولو تكلم بعذر لم يقبل منه. ويقال: ولو أرخى ستوره، يعني: أنه شاهد على نفسه، وإن أذنب في الستور.
قوله تعالى: لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ
يعني: لا تعجل بقراءة القرآن، من قبل أن يفرغ جبريل- عليه السلام- من قراءته وروى سعيد بن جبير، عن ابن عباس، - رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم، إذا نزل عليه القرآن، تعجل به للحفظ فنزل: لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ
لِتَعْجَلَ
بِهِ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ
يعني: حفظه في قلبك وَقُرْآنَهُ
يعني: يقرأ عليك جبريل، حتى تحفظه فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ
يعني: إذا قرأ عليك جبريل فاقرأ أنت بعد قراءته وفراغه وقال محمد بن كعب: فاتبع قراءته، يعني: فاتبع حلاله وحرامه. وقال الأخفش: إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ
يعني: تأليفه فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ
يعني: تأليفه ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ يعني: بيان أحكامه وحدوده. ويقال: علينا بيانه، يعني: شرحه. ويقال: بيان فرائضه، كما بين على لسان النبيّ صلّى الله عليه وسلم.
ثم نزل بعد هذه الأحكام، قوله تعالى: كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ يعني: تحبون العمل للدنيا وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ يعني: تتركون العمل للآخرة. قرأ ابن كثير، وأبو عمرو بل يحبون بالياء، على معنى الخبر عنهم. والباقون بالتاء، على معنى المخاطبة. ثم بين حال ذلك اليوم فقال: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ أي: حسنة مشرقة مضيئة، كما قال في آية أخرى: تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (٢٤) [المطففين: ٢٤] إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ يعني: ناظرين يومئذ إلى الله تبارك وتعالى. وقال مجاهد: إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ يعني: تنتظر الثواب من ربها. وهذا القول لا يصح، لأنه مقيد بالوجوه، موصول بإلى، ومثل هذا، لا يستعمل في الانتظار.

صفحة رقم 522
بحر العلوم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية