آيات من القرآن الكريم

فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّىٰ
ﮂﮃﮄﮅ

وقال مقاتل: إلى الله المنتهى يساقون إليه ليس عنه مرحل (١).
٣١ - قوله: ﴿فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (٣١)﴾ قال ابن عباس (٢) والمفسرون (٣): يعني: أبو جهل.
قال الكلبي: يقول: لم [يصدق] (٤) أبو جهل بالرسالة، ﴿وَلَا صَلَّى﴾ يعني: ولم يسلم (٥).
قال مقاتل: [لم يصدق] (٦) بالقرآن، ولا (صلَّى) لله صلاة (٧).
قال أبو عبيدة (٨)، والمبرد (٩): أي لم يصدق، ولم يصل. كقوله: ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١)﴾ [البلد: ١١]، أي: فلم يقتحم.
وكذلك ما روي في الحديث: (أرأيت من لا أكل ولا شرب ولا اسْتَهَلَّ) (١٠). والأصل في هذا أن (لا) حرف نفي، ينفي الماضي، كما ينفي

(١) "تفسير مقاتل" ٢١٨/ ب.
(٢) "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ١١١.
(٣) قال بذلك: مقاتل في "تفسيره" ٢١٨/ ب، والزجاج في "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٥٤، والسمرقندي في "بحر العلوم" ٣/ ٣٤٧، والثعلبي في "الكشف والبيان" ١٠: ١٣/ أ، والماوردي في "النكت والعيون" ٦/ ١٥٨، والبغوي في "معالم التنزيل" ٤/ ٤٢٥، كما حكاه ابن الجوزي عن المفسرين في "زاد المسير" ٨/ ١٤٠، والقرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ١١١.
(٤) في كلا النسختين: أصدق، ولا تستقيم العبارة بذلك، فأثبت ما يقيم المعنى.
(٥) "النكت والعيون" ٦/ ١٥٨ بمعناه
(٦) وردت في كلا النسختين: صدق، وأثبت لم، وبإضافة الياء لتستقيم العبارة.
(٧) "تفسير مقاتل" ٢١٨/ ب.
(٨) "مجاز القرآن" ٢/ ٢٧٨ بنحوه.
(٩) لم أعثر على مصدر لقوله.
(١٠) الحديث أخرجه مسلم ٣/ ١٣١٠ ح: ٣٦ - ٣٧ - ٣٨: كتاب القسامة: باب صحة =

صفحة رقم 523

المستقبل، أنشد أبو عبيدة لطرفة:
وأيُّ خَمِيسٍ لا أَفَأْنَا نِهَابَه (١)
بمعنى: لَمْ نُفَأْ، وذكرنا الكلام في هذا في قوله: ﴿مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ﴾

= الإقرار بالقتل، وتمكين ولي القتيل من القصاص، ونص الحديث: أن أبا هريرة قال: اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن دية جنينها غرة عبد، أو وليدة، وقضى بدية المرأة على عاقلتها. وورثها ولدها ومن معهم فقال: حمل ابن النابغة الهذلي: يا رسول الله: كيف أغرم من لا شرب، ولا أكل، ولا نطق، ولا استهلّ، فمثل ذلك يُطَل؟، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنما هذا من إخوان الكهان"، من أجل سجعه الذي سجع. ومعنى (استهلّ)، أي: ولا صاح عند الولادة ليعرف به أنه مات بعد أن كان، ومعنى (يطل) أي يهدر، ولا يطالب بديته حيًّا.
كما أخرجه: أبو داود في "سننه" ٢/ ٥٤٢ - ٥٤٣: كتاب الديات: باب دية الجنين، والدارمي ٢/ ٦٤١ ح: ٢٢٩٣، والإمام أحمد في "المسند" ٢/ ٢٧٤، ٤٣٨، ٤٩٨، ٥٣٥، ٤/ ٢٤٥، ٢٤٦، ٢٤٩، ٥/ ٣٢٧، وابن ماجه في "سننه" ٢/ ١٠٣: ح: ٢٦٧١: أبواب الديات: باب دية الجنين، والترمذي في "سننه" ٤/ ٢٣ - ٢٤: ح: ١٤١: كتاب الديات: باب ١٥ ما جاء في دية الجنين، والنسائي في "سننه" ٨/ ٤١٨ - ٤١٩: ح: ٤٨٣٣: كتاب القسامة: باب ٣٩ - ٤٠.
(١) لم أعثر عليه في ديوانه، وقد ورد في "مجاز القرآن" ٢/ ٢٧٨ برواية: (خيس) بدلًا من (خميس)، وعجز البيت:
وأسيافُنا يَقْطِرنَ مِنْ كَبْشِهِ دَمَا
كما ورد غير منسوب في: "تأويل مشكل القرآن" ٥٤٨، و"أمالي ابن الشجري" ٢/ ٢٢٨، و"البحر المحيط" ٨/ ٣٩٠ برواية (جميس) غير منسوب، و"الكامل" ٢/ ١٠٤٤ منسوب. الخميس الجيش. أفأنا: رددنا. انظر: "تأويل مشكل القرآن"، و"الكامل"؛ مرجعان سابقان.

صفحة رقم 524

[البقرة: ١٠٢] عند حكاية كلام أبي بكر بن السَّرَّاج (١) (٢).
قوله: ﴿وَلَكِنْ كَذَّبَ﴾، أي: بالقرآن. ﴿وَتَوَلَّى﴾ عن الإيمان. ﴿ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ﴾ رجع إليهم. ﴿يَتَمَطَّى﴾: يتبختر ويختال في مشيته، (قاله ابن عباس (٣) والمفسرون (٤) (٥).
وقال مقاتل (٦)، وزيد بن أسلم (٧): هو مشية بني مخزوم (٨).
وفي (يتمطى) قولان: أحدهما: أنه (من المَطْو، وهو المد. ومنه

(١) ابن السراج: بياض في (أ).
(٢) ومما جاء في كلامه الذي بين فيه أن (لا) حرف نفي، ينفي المستقبل؛ قال: (الأفعال جنس واحد، فكان يجب أن يكون على بناء واحد، لكنها غيرت بتغيير الأزمنة، وقسمت بتقاسيمها، لما كان ذلك في الإيضاح أبلغ، فخص كل قسم من ذلك بمثال، لا يقع واحد منها في موضع الآخر إلا أن يضم إليه حرف يكون دليلًا على ما أريد به، فيصير الحرف كأنه يقوم مقام البناء المراد، إذا كان يدل عليه كما يدل البناء نحو: والله لا فعلت، فقولك: فعلت، فعل ماض وقع في موضع مستقبل، فلما كانت قبلها (لا) علم أنه يراد به الاستقبال؛ لأن (لا) إنما يكون نفيًا لما يستقبل، فلما كانت نفيًا للمستقبل، ووقع بعدها ماض، علمت أنه يراد به الاستقبال.
(٣) "النكت والعيون" ٦/ ١٥٩ بنحوه، و"تفسيرالقرآن العظيم" ٤/ ٤٨١، و"الدر المنثور" ٨/ ٣٦٣ عزاه إلى بن أبي حاتم.
(٤) قال بذلك: قتادة، وزيد بن أسلم، ومجاهد. انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٣/ ٣٣٤ - ٣٣٥، و"جامع البيان" ٢٩/ ١٩٩، و"الدر المنثور" ٨/ ٣٦٣.
(٥) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٦) "تفسير مقاتل" ٢١٨/ ب.
(٧) "جامع البيان" ٢٩/ ١٩٩، و"النكت والعيون" ٦/ ١٥٩، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٤٠٧.
(٨) بنو مخزوم: بطن من لؤي بن غالب بن قريش، ينتسب إليهم خالد بن الوليد، وأبو جهل -عدو رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وسعيد بن المسيب. انظر: "نهاية الأرب" ٣٧١.

صفحة رقم 525
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية