[سورة القيامة (٧٥) : الآيات ٢٦ الى ٤٠]
كَلاَّ إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ (٢٦) وَقِيلَ مَنْ راقٍ (٢٧) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ (٢٨) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (٢٩) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ (٣٠)فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى (٣١) وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (٣٢) ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (٣٣) أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣٤) ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣٥)
أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً (٣٦) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى (٣٧) ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (٣٨) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٣٩) أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى (٤٠)
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ حَالَةِ الِاحْتِضَارِ وَمَا عِنْدَهُ مِنَ الْأَهْوَالِ ثَبَّتَنَا اللَّهُ هُنَالِكَ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فَقَالَ تَعَالَى: كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ إِنْ جَعْلَنَا (كَلَّا) رَادِعَةً فَمَعْنَاهَا لَسْتَ يَا ابن آدم هناك تكذب بِمَا أُخْبِرْتَ بِهِ بَلْ صَارَ ذَلِكَ عِنْدَكَ عَيَانًا، وَإِنْ جَعَلْنَاهَا بِمَعْنَى «حَقًّا» فَظَاهِرٌ، أَيْ حَقًّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ أَيِ انْتُزِعَتْ رُوحُكَ مِنْ جَسَدِكَ وَبَلَغْتَ تَرَاقِيَكَ، وَالتَّرَاقِي جَمْعُ تَرْقُوَةٍ وَهِيَ الْعِظَامُ الَّتِي بَيْنَ ثَغْرَةِ النَّحْرِ وَالْعَاتِقِ، كقوله تعالى: فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لَا تُبْصِرُونَ فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [الْوَاقِعَةِ: ٨٣- ٨٧] وَهَكَذَا قَالَ هَاهُنَا: كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ وَيُذْكَرُ هَاهُنَا حَدِيثُ بُسْرِ بْنِ جِحَاشٍ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ يس. وَالتَّرَاقِي جَمْعُ تَرْقُوَةٍ وَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنَ الْحُلْقُومِ.
وَقِيلَ مَنْ راقٍ
قَالَ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَيْ مَنْ رَاقٍ يَرْقِي، وَكَذَا قَالَ أَبُو قِلَابَةَ:
وَقِيلَ مَنْ راقٍ
أَيْ مَنْ طَبِيبٌ شَافٍ، وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وَابْنُ زَيْدٍ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَبُو رَجَاءٍ الْكَلْبِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقِيلَ مَنْ راقٍ
قَالَ: قِيلَ مَنْ يَرْقَى بِرُوحِهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ أَمْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ؟ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مِنْ كَلَامِ الْمَلَائِكَةِ.
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ قَالَ: الْتَفَّتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ، وَكَذَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ يَقُولُ آخِرُ يَوْمٍ من أيام الدُّنْيَا وَأَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْآخِرَةِ فَتَلْتَقِي الشدة بالشدة إلا من رحمه اللَّهُ «١». وَقَالَ عِكْرِمَةُ: وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ الْأَمْرُ الْعَظِيمُ بِالْأَمْرِ الْعَظِيمِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: بَلَاءٌ بِبَلَاءٍ، وقال الحسن البصري في قوله تعالى: وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ هُمَّا سَاقَاكَ إِذَا الْتَفَّتَا، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ مَاتَتْ رِجْلَاهُ فَلَمْ تَحْمِلَاهُ وقد كان عليهما جَوَّالًا، وَكَذَا قَالَ السُّدِّيُّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ الْحَسَنِ: هُوَ لَفُّهُمَا فِي الْكَفَنِ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَمْرَانِ: النَّاسُ يُجَهِّزُونَ جَسَدَهُ وَالْمَلَائِكَةُ يُجَهِّزُونَ روحه.
وقوله تعالى: إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ أَيِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ وذلك أن الروح ترفع إلى السموات، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: رُدُّوا عَبْدِي إِلَى الْأَرْضِ فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا
أَخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى، كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ الطَّوِيلِ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ [الأنعام: ٦١- ٦٢].
وقوله جل وعلا: فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى هَذَا إِخْبَارٌ عَنِ الْكَافِرِ الَّذِي كَانَ فِي الدَّارِ الدُّنْيَا مُكَذِّبًا لِلْحَقِّ بِقَلْبِهِ مُتَوَلِّيًا عَنِ الْعَمَلِ بِقَالَبِهِ، فَلَا خَيْرَ فِيهِ بَاطِنًا وَلَا ظاهرا، ولهذا قال تَعَالَى: فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى أَيْ جَذِلًا أَشِرًا بَطِرًا كَسْلَانًا لَا هِمَّةَ لَهُ وَلَا عمل، كما قال تعالى: وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ [الْمُطَفِّفِينَ: ٣٤].
وقال تعالى: إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ أَيْ يَرْجِعَ بَلى إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً [الِانْشِقَاقِ: ١٣- ١٥] وَقَالَ الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى أَيْ يَخْتَالُ: وَقَالَ قَتَادَةُ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: يَتَبَخْتَرُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى وَهَذَا تَهْدِيدٌ ووعيد أكيد من الله تعالى للكافر به المتبختر في مشيه أَيْ يَحِقُّ لَكَ أَنْ تَمْشِيَ هَكَذَا وَقَدْ كَفَرْتَ بِخَالِقِكَ وَبَارِئِكَ كَمَا يُقَالُ فِي مِثْلِ هذا على سبيل التهكم والتهديد، كقوله تعالى: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ [الدُّخَانِ: ٤٩] وَكَقَوْلِهِ تعالى: كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ [الْمُرْسَلَاتِ: ٤٦] وَكَقَوْلِهِ تعالى: فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ [الزُّمَرِ: ١٥] وَكَقَوْلِهِ جل جلاله: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ [فُصِّلَتْ: ٤٠] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ مَهْدِيٍّ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قُلْتُ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى قَالَ: قَالَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي جَهْلٍ ثُمَّ نَزَلَ بِهِ الْقُرْآنُ.
وقال أبو عبد الرّحمن النسائي: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ (ح) وَحَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى؟
قَالَ: قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي جهل ثُمَّ أَنْزَلَهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَحَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنْ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ: أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى وَعِيدٌ عَلَى أَثَرِ وَعِيدٍ كَمَا تَسْمَعُونَ، وَزَعَمُوا أَنَّ عَدُوَّ اللَّهِ أَبَا جهل أخذ نبي الله صلّى الله عليه وسلّم بِمَجَامِعِ ثِيَابِهِ ثُمَّ قَالَ: أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى فَقَالَ عَدُوُّ اللَّهِ أَبُو جَهْلٍ: أَتُوعِدُنِي يَا مُحَمَّدُ؟ وَاللَّهِ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْتَ وَلَا رَبُّكَ شَيْئًا وَإِنِّي لَأَعَزُّ من مشى بين جبليها.
وقوله تعالى: أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً قَالَ السُّدِّيُّ: يَعْنِي لَا يُبْعَثُ. وَقَالَ
مُجَاهِدٌ وَالشَّافِعِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: يَعْنِي لَا يُؤْمَرُ وَلَا يُنْهَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْآيَةَ تَعُمُّ الْحَالَيْنِ أَيْ لَيْسَ يُتْرَكُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا مُهْمَلًا لَا يُؤْمَرُ وَلَا يُنْهَى، وَلَا يُتْرَكُ فِي قَبْرِهِ سُدًى لَا يُبْعَثُ بَلْ هُوَ مَأْمُورٌ مَنْهِيٌّ فِي الدُّنْيَا مَحْشُورٌ إِلَى اللَّهِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، وَالْمَقْصُودُ هُنَا إِثْبَاتُ الْمَعَادِ وَالرَّدُّ عَلَى مَنْ أَنْكَرَهُ مِنْ أَهْلِ الزَّيْغِ وَالْجَهْلِ وَالْعِنَادِ، وَلِهَذَا قَالَ تعالى مستدلا على الإعادة بالبداءة فقال تعالى: أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى أَيْ أَمَا كَانَ الْإِنْسَانُ نُطْفَةً ضَعِيفَةً مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ. يُمْنَى: يُرَاقُ مِنَ الْأَصْلَابِ فِي الْأَرْحَامِ.
ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى أَيْ فَصَارَ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً ثُمَّ شُكِّلَ وَنُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ فَصَارَ خَلْقًا آخَرَ سَوِيًّا سَلِيمَ الْأَعْضَاءِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَتَقْدِيرِهِ. وَلِهَذَا قال تعالى: فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى.
ثُمَّ قَالَ تعالى: أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى أَيْ أَمَا هَذَا الَّذِي أَنْشَأَ هَذَا الْخَلْقَ السَّوِيَّ مِنْ هَذِهِ النُّطْفَةِ الضَّعِيفَةِ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُعِيدَهُ كَمَا بَدَأَهُ وَتَنَاوُلُ الْقُدْرَةِ لِلْإِعَادَةِ إِمَّا بِطْرِيقِ الْأُولَى بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْبُدَاءَةِ وَإِمَّا مساوية على القولين في قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ [الرُّومِ: ٣٧] وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الرُّومِ بَيَانُهُ وَتَقْرِيرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَاحِ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ آخَرَ أَنَّهُ كَانَ فَوْقَ سَطْحٍ يَقْرَأُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ، فَإِذَا قَرَأَ أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ فَبَلَى، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَلِكَ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ رَحِمَهُ اللَّهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يُصَلِّي فَوْقَ بَيْتِهِ فَكَانَ إِذَا قَرَأَ أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى قَالَ سُبْحَانَكَ فَبَلَى، فَسَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ «١» وَلَمْ يُسَمِّ هَذَا الصَّحَابِيَّ وَلَا يُضَرُّ ذَلِكَ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، سَمِعْتُ أَعْرَابِيًّا يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ مِنْكُمْ بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ فَانْتَهَى إِلَى آخِرِهَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ فَلْيَقُلْ بَلَى وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنَ الشَّاهِدَيْنِ، وَمَنْ قَرَأَ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ فانتهى إلى قَوْلُهُ أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى فليقل بلى، ومن قرأ وَالْمُرْسَلاتِ [المرسلات: ١] فبلغ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ [المرسلات: ٥٠] فَلْيَقُلْ «آمَنَّا بِاللَّهِ» «٢» وَرَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ، عَنْ سفيان بن عيينة به وَقَدْ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: قُلْتُ لَهُ مَنْ حَدَّثَكَ؟ قَالَ: رَجُلُ
(٢) أخرجه أبو داود في الصلاة باب ١٥٠، والترمذي في تفسير سورة ٩٥ باب ١، وأحمد في المسند ٢/ ٢٤٩.