آيات من القرآن الكريم

تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ ۖ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ
ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦ ﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵ ﯷﯸﯹﯺﯻ

حَسِيراً، وَرَجْعُ البصرِ: ترديدُه في الشيءِ المبْصَرِ، وكَرَّتَيْنِ معناه مرتين، والخاسئ المبْعَدُ عن شيءٍ أرَادَه، وحَرَصَ عليه، ومنه قوله تعالى: اخْسَؤُا فِيها [المؤمنون:
١٠٨] وكذلكَ البصرُ يحرصُ على رؤيةِ فطورٍ أو تفاوتٍ، فلا يَجِدُ ذلك، فينقلبَ خاسِئاً، والحسيرُ العَيِيُّ الكالُّ.
وقوله تعالى: بِمَصابِيحَ يعني: النجومَ، قال الفخر «١» : ومعنى السَّماءَ الدُّنْيا أي: القريبةُ مِنَ الناسِ، وليسَ في هذهِ الآيةِ ما يدلُّ عَلى أنّ الكواكبَ مركوزةٌ في السماء الدنيا، وذلك لأَنَّ السموات إذا كَانَتْ شَفَّافَةً فالكواكبُ سَواءٌ كَانَتْ في السماءِ الدنيا، أو كانَتْ في سموات أخْرَى فَوقَها، فهي لا بد أنْ تَظْهَرَ في السماء الدنيا، وتَلُوحُ فِيها، فَعَلَى كِلاَ التَّقْدِيرَيْنِ فالسَّماء «٢» الدُّنْيَا مُزَيَّنَةٌ بها، انتهى.
وقوله: وَجَعَلْناها معناه وجَعَلْنَا مِنْها ويُوجِبُ/ هذا التأويلُ في الآيةِ أنَّ الكواكبَ الثابتةَ، والبروجَ، وكلَّ ما يُهْتَدَى به في البرِّ والبحرِ لَيْسَت براجمةٍ، وهذا نصّ في حديثِ السير قال الثعلبي: رُجُوماً لِلشَّياطِينِ يُرْجَمُونَ بِها إذَا اسْتَرَقُوا السّمْعَ فلا تُخْطِئُهُم، فمنهم مَنْ يُقْتَلُ ومنهم من يُخْبَلُ، انتهى.
[سورة الملك (٦٧) : الآيات ٦ الى ١١]
وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٦) إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ (٧) تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ (٩) وَقالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ (١٠)
فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ (١١)
وقوله تعالى: وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ قال ع «٣» : تضمنتِ الآيةُ أنَّ عذابَ جهنمَ للكفارِ المُخَلّدِينَ، وقد جاءَ في الأثر: أنه يَمُرُّ على جهنَم زَمانٌ تُخْفِق أبوابَها، قد أخْلَتْها الشفاعةُ، والذي يقال في هذا أن جهنَّمَ اسْمٌ تُخْتَصُّ به الطبقةُ العُلْيَا من النارِ، ثم قَدْ تُسَمَّى الطبقاتُ كلها باسْمِ بَعْضِها، فالتي في الأثرِ هي الطبقةُ العُلْيَا لأنَّها مَقَرُ العُصَاةِ من المؤمنينَ، وَالَّتي في هذهِ الآية هي جهنمَ بأسرها، أي: جميعُ الطبقاتِ، والشَّهِيقُ أقْبَحُ ما يكونُ من صوتِ الحمارِ، فاشْتِعَالُ النار وغَلَيَانُها يُصَوِّتُ مِثْل ذلك.
وقوله: تَكادُ تَمَيَّزُ أي يُزَايِلُ بَعْضُها بَعْضاً لشدّة الاضطراب، ومِنَ الْغَيْظِ

(١) ينظر: «الفخر الرازي» (٣٠/ ٥٣).
(٢) في د: في السماء.
(٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (٥/ ٣٣٩).

صفحة رقم 458
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية