آيات من القرآن الكريم

وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
ﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓ ﰕﰖﰗﰘﰙﰚﰛﰜﰝ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ

[سورة الملك (٦٧) : آية ٢٥]

وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٥)
وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ أَبُو مُسْلِمٍ إِنَّهُ تَعَالَى قَالَ: يَقُولُ بِلَفْظِ الْمُسْتَقْبَلِ فَهَذَا يَحْتَمِلُ مَا يُوجَدُ مِنَ الْكُفَّارِ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَيَحْتَمِلُ الْمَاضِيَ، وَالتَّقْدِيرُ: فَكَانُوا يَقُولُونَ هَذَا الْوَعْدَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَعَلَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ السُّخْرِيَةِ، وَلَعَلَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَهَا إِبْهَامًا لِلضَّعَفَةِ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَتَعَجَّلْ فَلَا أَصْلَ لَهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الْوَعْدُ الْمَسْؤُولُ عَنْهُ مَا هُوَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ الْقِيَامَةُ وَالثَّانِي: أَنَّهُ مُطْلَقُ الْعَذَابِ، وَفَائِدَةُ هَذَا الِاخْتِلَافِ تَظْهَرُ بَعْدَ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. ثُمَّ أَجَابَ اللَّهُ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ بِقَوْلِهِ تعالى:
[سورة الملك (٦٧) : آية ٢٦]
قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٦)
وَالْمُرَادُ أَنَّ الْعِلْمَ بِالْوُقُوعِ غَيْرُ الْعِلْمِ بِوَقْتِ الْوُقُوعِ، فَالْعِلْمُ الْأَوَّلُ حَاصِلٌ عِنْدِي، وَهُوَ كَافٍ فِي الْإِنْذَارِ وَالتَّحْذِيرِ، أَمَّا الْعِلْمُ الثَّانِي فَلَيْسَ إِلَّا لِلَّهِ، وَلَا حَاجَةَ فِي كوني نذيرا مبينا إليه.
[سورة الملك (٦٧) : آية ٢٧]
فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (٢٧)
ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ حَالَهُمْ عِنْدَ نُزُولِ ذَلِكَ الْوَعْدِ فَقَالَ تَعَالَى: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ فَلَمَّا رَأَوْهُ الضَّمِيرُ لِلْوَعْدِ، وَالزُّلْفَةُ الْقُرْبُ وَالتَّقْدِيرُ: فَلَمَّا رَأَوْهُ قُرْبًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمَّا اشْتَدَّ قُرْبُهُ، جَعَلَ كَأَنَّهُ فِي نَفْسِ الْقُرْبِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: مُعَايَنَةً، وَهَذَا مَعْنًى وَلَيْسَ بِتَفْسِيرٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا قَرُبَ مِنَ الْإِنْسَانِ رَآهُ مُعَايَنَةً.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اسْوَدَّتْ وَعَلَتْهَا الْكَآبَةُ وَالْقَتَرَةُ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: تَبَيَّنَ فِيهَا السُّوءُ، وَأَصْلُ السُّوءِ الْقُبْحُ، وَالسَّيِّئَةُ ضِدُّ الْحَسَنَةِ، يُقَالُ: سَاءَ الشيء يسوء فهو سيئ إذا قبح، وسيئ يُسَاءُ إِذَا قَبُحَ، وَهُوَ فِعْلٌ لَازِمٌ وَمُتَعَدٍّ فَمَعْنَى سِيئَتْ وُجُوهُهُمْ قَبُحَتْ بِأَنْ عَلَتْهَا الْكَآبَةُ وَغَشِيَهَا الْكُسُوفُ وَالْقَتَرَةُ وَكَلَحُوا، وَصَارَتْ وُجُوهُهُمْ كَوَجْهِ مَنْ يُقَادُ إِلَى الْقَتْلِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً إِخْبَارٌ عَنِ الْمَاضِي، فَمَنْ حَمَلَ الْوَعْدَ فِي قَوْلِهِ:
وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ [الملك: ٢٥] عَلَى مُطْلَقِ الْعَذَابِ سَهُلَ تَفْسِيرُ الْآيَةِ عَلَى قَوْلِهِ فَلِهَذَا قَالَ أَبُو مُسْلِمٍ فِي قَوْلِهِ: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً يَعْنِي أَنَّهُ لَمَّا أَتَاهُمْ عَذَابُ اللَّهِ الْمُهْلِكُ لَهُمْ كَالَّذِي نَزَلَ بِعَادٍ وَثَمُودَ سِيئَتْ وُجُوهُهُمْ:
عِنْدَ قُرْبِهِ مِنْهُمْ، وَأَمَّا مَنْ فَسَّرَ ذَلِكَ الْوَعْدَ بِالْقِيَامَةِ كَانَ قَوْلُهُ: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً مَعْنَاهُ فَمَتَى مَا رَأَوْهُ زُلْفَةً، وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً إِخْبَارٌ عَنِ الْمَاضِي وَأَحْوَالُ الْقِيَامَةِ مُسْتَقْبِلَةٌ لَا مَاضِيَةٌ فَوَجَبَ تَفْسِيرُ اللَّفْظِ بِمَا قُلْنَاهُ، قَالَ مُقَاتِلٌ: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً أَيْ لَمَّا رَأَوُا العذاب في الآخر قَرِيبًا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ فَفِيهِ مَسَائِلُ:

صفحة رقم 596
مفاتيح الغيب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن عمر (خطيب الري) بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية