آيات من القرآن الكريم

وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ
ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾ ﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌ ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ

يكون شاملا للحرام ايضا فانه من رزقه ايضا وان كان التناول منه حراما وَإِلَيْهِ اى الى الله وحده النُّشُورُ اى المرجع بعد البعث فبالغوا فى شكر نعمه يقال نشر الله الميت نشرا احياء بعد موته ونشر الميت بنفسه نشورا فهو يتعدى ولا يتعدى كرجعه رجعا ورجع بنفسه رجوعا الا ان الميت لا يحتى بنفسه بدون احياء الله إذ هو محال أَأَمِنْتُمْ آيا ايمن شديد اى مكذبان. وهو استفهام توبيخ فالهمزة الاولى استفهامية والثانية من نفس الكلمة مَنْ موصولة فِي السَّماءِ اى الملائكة الموكلين بتدبير هذا العالم او الله سبحانه على تأويل من فى السماء امره وقضاؤه وهو كقوله تعالى وهو الله فى السموات وفى الأرض وحقيقته ءامنتم خالق السماء ومالكها قال فى الاسئلة خص السماء بالذكر ليعلم ان الأصنام التي فى الأرض ليست بآلهة لا لانه تعالى فى جهة من الجهات لان ذلك من صفات الأجسام وأراد أنه فوق السماء والأرض فوقية القدرة والسلطنة لا فوقية الجهة انتهى على انه لا يلزم من الايمان بالفوقية الجهة فقد ثبت فانظر ماذا ترى وكن مع اهل السنة من الورى كما فى الكبريت الأحمر للامام الشعراني قدس سره واما رفع الأيدي الى السماء فى الدعاء فلكونها محل البركات وقبلة الدعاء كما ان الكعبة قبلة الصلاة وجناب الله تعالى قبلة القلب ويجوز أن تكون الظرفية باعتبار زعم العرب حيث كانوا يزعمون انه تعالى فى السماء اىء أمنتم من تزعمون انه فى السماء وهو متعال عن المكان وفى فتح الرحمن هذا المحل من المتشابه الذي استأثر الله بعلمه ونؤمن به ولا نتعرض لمعناه ونكل العلم فيه الى الله قوله من فى السماء فى موضع النصب على انه مفعول أمنتم أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ بعد ما جعلها لكم ذلولا تمشون فى مناكبها وتأكلون من رزقه لكفرانكم تلك النعمة اى يقلبها ملتبسة بكم فيغيبكم فيها كما فعل بقارون وهو بدل اشتمال من من اى ءامنتم من فى السماء خسفه والباء للملابسة والخسف بزمين فرو بردن. والخسوف بزمين فرو شدن. والمشهور ان الباء فى مثل هذا الموضع للتعدية اى يدخلكم ويذهبكم فيها وبالفارسية فرو برد شما را بزمين. قال الجوهري خسف المكان يخسف خسوفا ذهب فى الأرض وخسف الله به الأرض خسفا غاب به فيها وفى القاموس ايضا خسف الله بفلان الأرض غيبه فيها فَإِذا هِيَ پس آنگاه زمين ا پس ز فرو بردن شما بوى تَمُورُ قال فى القاموس المور الاضطراب والجريان على وجه الأرض والتحرك اى تضطرب ذهابا ومجيئا على خلاف ما كانت عليه من الذل والاطمئنان وقال بعضهم فاذا الأرض تدور بكم الى الأرض السفلى وبعضهم تنكشف تارة للخوض فيها وتلتئم اخرى للتعذيب بها أَمْ أَمِنْتُمْ يا ايمن شديد. وهو انتقال الى التهديد بوجه آخر مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً اى حجارة من السماء كما أرسلها على قوم لوط واصحاب الفيل اى أم أمنتم من فى السماء إرساله على ان قوله أن يرسل بدل من من ايضا والمعنى هل جعل لكم من هذين أمان وإذ لا أمان لكم منهما فمعنى تماديكم فى شرككم فَسَتَعْلَمُونَ عن قريب البتة كَيْفَ نَذِيرِ اى إنذاري عند مشاهدتكم للمنذربه أهو واقع أم لا أشديد أم ضعيف

صفحة رقم 90

يعنى حين حققتم المنذر به تعلمون انه لا خلف لخبرى وان عذابى لشديد وانه لا دافع عنه ولكن لا ينفعكم العلم حينئذ فالنذير وكذا النكير الآتي مصدر ان بمعنى الانذار والإنكار وأصلهما نذيرى ونكيرى بياء الاضافة فحذفت اكتفاء بكسر ما قبلها قال فى برهان القرآن خوفهم بالخسف اولا لكونهم على الأرض وانها اقرب إليهم من السماء ثم بالحاصب من السماء فلذلك جاء ثانيا. يقول الفقير أشارت الآية الاولى على ما ألهمت فى جوف الليل الى ان الاستتار تحت اللحاف وعدم النهوض الى الصلاة والمناجاة وقت السحر عقوبة من الله تعالى على اهل الغفلة كالخسف ولذا لما قام بعض العارفين متهجدا فأخذه البرد وبكى من العرى قيل له من قبل الله تعالى أقمناك وأنمناهم فتبكى علينا يعنى ان اقامتك وانامة الغافلين نعمة لك ونقحة لهم فاشكر عليها ولا تجزع من العرى فان بلاء العرى أهون من بلاء لغفلة واشارت الآية الثانية الى نزول المطر الشديد من السماء فانه ربما يمنع المتهجد عن القيام والاشتغال بالوضوء والطهارة فيكون غضبا فى صورة الرحمة فعلى العاقل أن لا يضيع الوقت ويغتنم الفراغ قبل الشغل أيقظنا الله وإياكم وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ اى من قبل كفار مكة من كفار الأمم السالفة كقوم نوح وعاد وأضرابهم والتفات الى الغيبة لابراز الاعراض عنهم فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ اى إنكاري عليهم بانزال العذاب اى كان على غاية الهول والفظاعة وهذا مورد التأكيد القسمي لا تكذيبهم فقط وانكار الله تعالى على عبده ان يفعل به امرا صعبا وفعلا هائلا لا يعرف وفى الآية تسلية للرسول ﷺ وتهديد لقومه أَوَلَمْ يَرَوْا اى اغفلوا ولم ينظروا إِلَى الطَّيْرِ فالرؤية بصرية لانها تتعدى بالى واما القلبية فتعديتها بفي والطير يطلق على جنس الطائر وهو كل ذى جناح يسبح فى الهولء اما لكون جمعه فى الأصل كركب وراكب او مصدره جعل اسما لجنسه فباعتبار تكثره فى المعنى وصف بصافات وفى المفردات انه جمع طائر فَوْقَهُمْ يجوز أن يكون ظرفا ليروا وأن يكون حالا من الطير أي كائنات خوقهم صافَّاتٍ حال من الطير والصف أن يجعل الشيء على خط مستو كالناس والأشجار ونحو ذلك ومفعول صافات وكذا يقبضن انما هو أجنحة الطير لا أنفسها والمعنى باسطات أجنحتهن فى الجو عند طيرانها فانهن إذا بسطنها صففن قوادمها صفا وقوادم الطير مقاديم ربشه وهى عشر فى كل جناح الواحدة قادمة وَيَقْبِضْنَ ويضممنها إذا ضربن بما جنوبهن حينا فحينا للاستظهار به على التحرك وهو الشر فى إيثار يقبضن الدال على تجدد القبض تارة بعد تارة على قابضات فان الطيران فى الهولء كالسباحة فى الماء فكما ان الأصل فى السباحة مد الأطراف وبسطها فكذا الأصل فى الطيران صف الاجنحة وبسطها والقبض انما يكون تارة بعد تارة للاستظهار المذكور كما فى السابح قال ابن الشيخ ويقبضن عطف على صافات لانه بمعنى وقابضات والا لما عطف الفعل على الاسم ما يُمْسِكُهُنَّ فى الجو وما يأخذهن عن السقوط عند الصف والقبض على خلاف مقتضى الطبع الجسماني فانه يقتضى الهبوط الى السفل إِلَّا الرَّحْمنُ الواسع رحمته كل شىء بأن برأهن على إشكال وخصائص وهيأهن للجرى فى الهواء إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ يعلم إبداع المبدعات وتدبير العجائب والبصير هو الذي يشاهد

صفحة رقم 91
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية