آيات من القرآن الكريم

أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ۚ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۖ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ ۖ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ ﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، أنبأنا عبد الوهاب الثقفي، حدثني الْمُثَنَّى عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ المطلقة ثلاثا أو المتوفى عنها زوجها، فقال: هي للمطلقة ثَلَاثًا وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا «١». هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا بَلْ مُنْكَرٌ لِأَنَّ فِي إِسْنَادِهِ الْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ وَهُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ بِمَرَّةٍ، وَلَكِنْ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بِسَنَدٍ آخَرَ فَقَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ السِّمْنَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ يَعْنِي الْحَرَّانِيَّ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا أَدْرِي أَمُشْتَرَكَةٌ أَمْ مُبْهَمَةٌ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَيَّةُ آيَةٍ؟» قَالَ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَالْمُطَلَّقَةُ؟ قَالَ نَعَمْ.
وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ «٢» عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ عَنْ مُوسَى بْنِ دَاوُدَ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ بِهِ. ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ أَيْضًا عَنْ مَالِكِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ قَالَ: «أَجَلُ كُلِّ حَامِلٍ أَنْ تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا» عَبْدُ الْكَرِيمِ هَذَا ضَعِيفٌ وَلَمْ يُدْرِكْ أُبَيًّا. وَقَوْلُهُ تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً أَيْ يُسَهِّلُ لَهُ أَمْرَهُ وَيُيَسِّرُهُ عَلَيْهِ وَيَجْعَلُ لَهُ فَرَجًا قَرِيبًا وَمَخْرَجًا عَاجِلًا ثُمَّ قال تعالى: ذلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ أَيْ حُكْمُهُ وَشَرْعُهُ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ بِوَاسِطَةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً أَيْ يُذْهِبْ عَنْهُ الْمَحْذُورَ وَيُجْزِلْ لَهُ الثَّوَابَ عَلَى الْعَمَلِ اليسير.
[سورة الطلاق (٦٥) : الآيات ٦ الى ٧]
أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى (٦) لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً (٧)
يَقُولُ تَعَالَى آمِرًا عِبَادَهُ إِذَا طَلَّقَ أَحَدُهُمُ الْمَرْأَةَ أَنْ يُسْكِنَهَا فِي مَنْزِلٍ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا فَقَالَ:
أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ أَيْ عِنْدَكُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ يَعْنِي سَعَتِكُمْ «٣» حَتَّى قَالَ قَتَادَةُ: إِنْ لَمْ تَجِدْ إِلَّا جَنْبَ بَيْتِكَ فأسكنها فيه، وقوله تعالى:
وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: يَعْنِي يُضَاجِرُهَا لِتَفْتَدِيَ مِنْهُ بِمَالِهَا أَوْ تَخْرُجَ مِنْ مَسْكَنِهِ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي الضُّحَى: وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَ

(١) أخرجه أحمد في المسند ٥/ ١١٦.
(٢) تفسير الطبري ١٢/ ١٣٥.
(٣) انظر تفسير الطبري ١١/ ١٣٧.

صفحة رقم 174

قَالَ يُطَلِّقُهَا فَإِذَا بَقِيَ يَوْمَانِ رَاجَعَهَا.
وَقَوْلُهُ تعالى: وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ قَالَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَطَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ وَجَمَاعَاتٌ مِنَ الْخَلَفِ: هَذِهِ فِي الْبَائِنِ إِنْ كَانَتْ حَامِلًا أَنْفَقَ عَلَيْهَا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا، قَالُوا بِدَلِيلِ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ تَجِبُ نَفَقَتُهَا سَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا أَوْ حَائِلًا، وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ السِّيَاقُ كُلُّهُ في الرجعيات وإنما نص على وجوب الْإِنْفَاقِ عَلَى الْحَامِلِ، وَإِنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً، لِأَنَّ الْحَمْلَ تَطُولُ مُدَّتُهُ غَالِبًا فَاحْتِيجَ إِلَى النَّصِّ عَلَى وُجُوبِ الْإِنْفَاقِ إِلَى الْوَضْعِ، لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ إِنَّمَا تَجِبُ النَّفَقَةُ بِمِقْدَارِ مُدَّةِ الْعِدَّةِ، ثم اختلف الْعُلَمَاءُ هَلِ النَّفَقَةُ لَهَا بِوَاسِطَةِ الْحَمْلِ أَمْ لِلْحَمْلِ وَحْدَهُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَنْصُوصَيْنِ عَنِ الشَّافِعِيِّ وغيره ويتفرع عليها مسائل كثيرة مذكورة في علم الفروع.
وقوله تعالى: فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ أَيْ إِذَا وَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَهُنَّ طَوَالِقُ فَقَدْ بِنَّ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهِنَّ وَلَهَا حِينَئِذٍ أَنْ تُرْضِعَ الْوَلَدَ وَلَهَا أَنْ تَمْتَنِعَ مِنْهُ، وَلَكِنْ بَعْدَ أَنْ تُغَذِّيَهُ بِاللِّبَإِ، وَهُوَ باكورة اللبن الذي لا قوام للمولود غالبا إلا به، فإن أرضعت استحقت أجرة مِثْلِهَا، وَلَهَا أَنْ تُعَاقِدَ أَبَاهُ أَوْ وَلِيَّهُ عَلَى مَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ مِنْ أُجْرَةٍ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وقوله تعالى: وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ أَيْ: وَلْتَكُنْ أُمُورُكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِ إِضْرَارٍ وَلَا مُضَارَّةٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: لَا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ [البقرة: ٢٣٣] وقوله تعالى: وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى أَيْ وَإِنِ اختلف الرجل والمرأة فطلبت المرأة في أُجْرَةَ الرَّضَاعِ كَثِيرًا، وَلَمْ يُجِبْهَا الرَّجُلُ إِلَى ذَلِكَ أَوْ بَذَلَ الرَّجُلُ قَلِيلًا وَلَمْ تُوَافِقْهُ عَلَيْهِ، فَلْيَسْتَرْضِعْ لَهُ غَيْرَهَا، فَلَوْ رَضِيَتِ الْأُمُّ بما استؤجرت به الأجنبية فهي أحق بولدها.
وقوله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ أَيْ لِيُنْفِقْ عَلَى الْمَوْلُودِ وَالِدُهُ أَوْ وَلِيُّهُ بِحَسَبِ قُدْرَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتاها كقوله تعالى:
لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها [الْبَقَرَةِ: ٢٨٦] رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ «١» : حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَكَّامٌ عَنْ أَبِي سِنَانٍ قَالَ: سَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ فَقِيلَ إِنَّهُ يَلْبَسُ الْغَلِيظَ مِنَ الثِّيَابِ وَيَأْكُلُ أَخْشَنَ الطَّعَامِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِأَلْفِ دِينَارٍ وَقَالَ لِلرَّسُولِ: انْظُرْ مَا يَصْنَعُ بِهَا إِذَا هُوَ أَخَذَهَا؟ فَمَا لَبِثَ أَنْ لَبِسَ اللَّيِّنَ مِنَ الثِّيَابِ، وَأَكَلَ أَطْيَبَ الطَّعَامِ، فَجَاءَهُ الرَّسُولُ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ رَحِمَهُ الله تعالى تَأَوَّلَ هَذِهِ الْآيَةَ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ: حدثنا هاشم بن مزيد الطَّبَرَانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، أَخْبَرَنِي ضَمْضَمُ بْنُ زُرْعَةَ عَنْ شريح بن عبيد عن

(١) تفسير الطبري ١٢/ ١٤١.

صفحة رقم 175
تفسير القرآن العظيم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي
تحقيق
محمد حسين شمس الدين
الناشر
دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون - بيروت
الطبعة
الأولى - 1419 ه
عدد الأجزاء
1
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية