آيات من القرآن الكريم

خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣ ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ ﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة التغابن (٦٤) : الآيات ١ الى ٦]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢) خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (٣) يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٤)
أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٥) ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٦)
. عبارة الآيات واضحة. والآيات الأربع الأولى منها احتوت تقريرا لعظمة ملك الله وقدرته ومطلق تصرفه في الكون وإتقان خلق الإنسان وتصويره على أحسن الصور وإحاطة علمه بكل شيء وخضوع كل شيء له واستحقاقه وحده للحمد والتقديس. وقد انطوى في الآية الثانية على ما يتبادر من روحها تقرير لواقع المخاطبين حيث كان منهم الكافر وكان المؤمن وتقرير كون الله تعالى بصير بما يفعله كل منهم.
أما الآيتان الأخيرتان فقد احتوتا تذكيرا بالكافرين من الأمم السابقة بأسلوب التساؤل الإنكاري التقريري عن ما جاء المخاطبين من أنبائهم حيث استنكروا أن يرسل الله بشرا رسلا ليهدوهم فكفروا نتيجة لذلك فذاقوا نكال الله في الدنيا فضلا عما أعده لهم من عذاب الآخرة الأليم مع تقرير كون الله مستغنيا عنهم وهو الغني عن خلقه الحميد لمن يشكره ويؤمن به.
وواضح أن الآيات هي بسبيل دعوة السامعين إلى الله والاهتداء بالهدى الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. وقد جاء هذا بصراحة أكثر في الآيات التالية. وأسلوبها عام هادىء موجّه إلى القلب والعقل معا.
وليس هناك روايات تروي سبب نزولها والمتبادر أنها تمهيد أو مقدمة لما جاء بعدها والله أعلم.
الجزء الثامن من التفسير الحديث ٣٥

صفحة رقم 545

وفي حكاية قول الكفار السابقين حينما كانت تأتيهم رسلهم أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا تنديد بالكافرين برسالة النبي ﷺ الذين كان يصدر منهم مثل هذا القول على ما حكته آيات عديدة في سور سابقة. منها آية سورة الإسراء هذه قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا (٩٣) وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلَّا أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولًا (٩٤) فكأنما أريد أن يقال لهم: إنكم إذا قلتم هذا فقد قاله أمثالكم من قبل وكان من أسباب كفرهم واستحقاقهم لنكال الله وعذابه. وإن الله لمستغن عنكم كما استغنى عمن قبلكم وهو الغني الحميد.
وفي جملة وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ تذكير للإنسان بما ميزه الله على غيره من خلقه بالمميزات المتنوعة. وبما يوجبه ذلك عليه من الاعتراف بفضله والاستجابة إلى دعوته. وقد انطوى هذا في آيات عديدة في سور سبق تفسرها.
تأويل الكلاميين لجملة هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وتعليق عليه
ولقد وقف المفسرون عند هذه الجملة وأوردوا مذاهب الكلاميين فيها من حيث الجبر والاختيار. حيث يرى أصحاب المذهب الأول فيها دليلا على مذهبهم بتقدير الله عزّ وجلّ الكفر والإيمان على الناس. وقد أوردوا حديثا نبويا للتدليل على ذلك روي عن أنس عن رسول الله ﷺ قال «وكل الله بالرحم ملكا. فيقول أي ربّ نطفة، أي ربّ علقة، أي ربّ مضغة، فإذا أراد الله أن يقضي خلقها قال يا ربّ أذكر أم أنثى. أشقي أم سعيد، فما الرزق، فما الأجل فيكتب كذلك في بطن أمه» «١» وحيث ينكر أصحاب المذهب الثاني ذلك ويقولون إن معنى الآية هو أن الله خلق الناس فمنهم من اختار الكفر ومنهم من اختار الإيمان وذكروا آية سورة الكهف وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ [٢٩].

(١) الحديث من تفسير البغوي.

صفحة رقم 546
التفسير الحديث
عرض الكتاب
المؤلف
محمد عزة بن عبد الهادي دروزة
الناشر
دار إحياء الكتب العربية - القاهرة
سنة النشر
1383
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية