آيات من القرآن الكريم

هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣ ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ

الجزء العاشر
من تفسير روح البيان
تفسير سورة التغابن
مختلف فى كونها مكية او مدنية وآيها ثمان عشرة بسم الله الرحمن الرحيم
يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ من الروحانيات وَما فِي الْأَرْضِ من الجسمانيات اى ينزهه سبحانه جميع ما فيهما من المخلوقات عما لا يليق بجناب كبريائه تنزيها مستمرا والمراد اما تسبيح الاشارة الذي هو الدلالة فتعم ما كل حى وجماد أو تسبيح العبارة الذي هو أن يقول سبحان الله فتعمهما ايضا عند اهل الله وعن بعضهم سمعت تسبيح الحيتان فى البحر المحيط يقلن سبحان الملك القدوس رب الأقوات والأرزاق والحيوانات والنباتات ولولا حياة كل شىء من رطب ويابس ما اخبر عليه السلام انه يشهد للمؤذن وكم بين الله ورسوله مما جميع المخلوقات عليه من العلم بالله والطاعة له والقيام بحقه فآمن بعضهم وصدق وقبل ما اضافه الله الى نفسه وما أضاف اليه رسوله وتوقف بعضهم فلم يؤمنوا ولم يسمعوا وتأولوا الأمر بخلاف ما هو عليه وقصدهم بذلك أن يكونوا من المؤمنين وهم فى الحقيقة من المكذبين لترجيحهم حسهم على الايمان بما عرفه لهم ربهم لما لم يشاهدوا ذلك مشاهدة عين وعن بعض العارفين فى الاية اى يسبح وجودك بغير اختيارك وأنت غافل عن تسبيح وجودك له وذلك ان وجودك قائم فى كل لمحة بوجوده يحتاج الى الكينونة بتكوينه إياه ابن قلبك ولسانك إذا اشتغل بذكر غيرنا وفى الحقيقة لم يتحرك الوجود الا بأمره ومشيئته وتلك الحركة اجابة داعى القدم فى جميع مراده وذلك محض التقديس ولكن لا يعرفه الا العارف بالوحدانية لَهُ الْمُلْكُ الدائم الذي لا يزول وهو كمال القدرة ونفاذ التصرف وبالفارسية مرور است پادشاهى كه ارض وسما وما بينهما بيافريد وَلَهُ الْحَمْدُ

صفحة رقم 2

اى حمد الحامدين وهو الثناء بذكر الأوصاف الجميلة والافعال الجزيلة وتقديم الجار والمجرور للدلالة على تأكيد الاختصاص وازاحة الشبهة بالكلية فان اللام مشعر بأصل الاختصاص قدم او أخر أى له الملك وله الحمد لا لغيره إذ هو المبدئ لكل شىء وهو القائم به والمهيمن عليه المتصرف فيه كيف يشاء وهو المولى لاصول النعم وفروعها ولولا انه أنعم بها على عباده لما قدر أحد على ادنى شىء فالمؤمنون يحمدونه على نعمه وله الحمد فى الاولى والآخرة واما ملك غيره فاسترعاء من جنابه وتسليط منه وحمد غيره اعتداد بأن نعمة الله جرت على يده فللبشر ملك وحمد من حيث الصورة لا من حيث الحقيقة

با غير او اضافت شاهى بود چنان بر يك دو چوب پاره ز شطرنج نام شاه
وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لان نسبة ذاته المقتضية للقدرة الى الكل سوآء فهو القادر على الإيجاد والاعدام والأسقام والإبراء والإعزاز والاذلال والتبييض والتسويد ونحو ذلك من الأمور الغير المتناهية قال بعضهم قدرة الله تصلح للخلق وقدرة العبد تصلح للكسب فالعبد لا يوصف بالقدرة على الخلق والحق لا يوصف بالقدرة على الكسب فمن عرف انه تعالى قادر خشى من سطوات عقوبته عند مخالفته وامل لطائف نعمته ورحمته عند سؤال حاجته لا بوسيلة طاعته بل بكرمه ومنته وفى التأويلات النجمية ينزه ذاته المسبحة المقدسة عن الأمثال والاضداد والاشكال والانداد ما فى السموات القوى الروحانية وما فى ارض القوى الجسمانية له ملك الوجود المطلق وله الحمد على نعمة ظهوره فى الوجود المقيد وهويته المطلقة قادرة على ظهورها بالإطلاق والتقييد وهى فى عينها منزهة عنهما وهما نسبتان اعتباريتان هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ خلقا بديعا حاويا لجميع مبادى الكمالات العلمية والعملية ومع ذلك فَمِنْكُمْ كافِرٌ اى فبعضكم او فبعض منكم مختار للكفر كاسب له حسبما تقتضيه خلقته ويندرج فيه المنافق لانه كافر مضمر وكان الواجب عليكم جميعا ان تكونوا مختارين للايمان شاكرين لنعمة الخلق والإيجاد وما يتفرع عليها من سائر النعم فما فعلتم ذلك مع تمام تمكنهم منه بل تشعبتم شعبا وتفرقتم فرقا قال فى فتح الرحمن الكفر فعل الكافر والايمان فعل المؤمن والكفر والايمان اكتساب العبد لقول النبي عليه السلام كل مولود يولد على الفطرة وقوله فطرة الله التي فطر الناس عليها فلكل واحد من الفريقين كسب واختيار وكسبه واختياره بتقدير الله ومشيئته فالمؤمن بعد خلق الله إياه يختار الايمان لان الله تعالى أراد ذلك منه وقدره عليه وعلمه منه والكافر بعد خلق الله إياه يختار الكفر لان الله تعالى قدر عليه ذلك وعلمه منه وهذا طريق اهل السنة انتهى وفى الآية رد للدهرية والطبيعية فانهم ينكرون خالقية الله تعالى والخالق هو المخترع للاعيان المبدع لها (حكى) ان سنيا ناظر معتزليا فى مسألة القدر فقطف المعتزلي تفاحة من شجرة وقال للسنى أليس انا الذي قطفت هذه فقال له السنى ان كنت الذي قطفتها فردها على ما كانت عليه فأفحم المعتزلي وانقطع وانما ألزمه بذلك لان القدرة التي يحصل بها الإيجاد لا بد أن تكون صالحة للضدين فلو كان تفريق الاجزاء بقدرته لكان فى قدرته وصلها ومن أدب من

صفحة رقم 3

عرف انه سبحانه هو المنفرد بالخلق والإيجاد أن لا يجحد كسب العبد ولا يطوى بساط الشرع فى الابتلاء بالأمر والنهى ولا يعتقدان للعبد على الله حجة بسبب ذلك (حكى) ان بعض الأكابر تعجب من تجاسر الملائكة فى قولهم أتجعل فيها من يفسد فيها ثم قال ما عليهم شىء هو أنطقهم فبلغ قوله يحيى بن معاذ الرازي رضى الله عنه فقال صدق هو أنطقهم ولكن انظر كيف أفحمهم بين بذلك ان مجرد الخلق من جهة الحق لا يكون عذرا للعبيد فى سقوط اللوم عنهم وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ مختار للايمان كاسب له ويندرج فيه مرتكب الكبيرة الغير التائب والمبتدع الذي لا تفضى بدعته الى الكفر وتقديم الكفر عليه لانه الأنسب بمقام التوبيخ والأغلب فيما بينهم ولذا يقول الله فى يوم الموقف يا آدم أخرج بعث النار يعنى ميز أهلها المبعوث إليها قال وما بعث النار اى عدده قال الله من كل الف تسعمائة وتسعة وتسعون وفى التنزيل ولكن اكثر الناس لا يؤمنون وقليل من عبادى
الشكور والايمان أعظم شعب الشكر (روى) ان عمر رضى الله عنه سمع رجلا يقول اللهم اجعلنى من القليل فقال له عمر ما هذا الدعاء فقال الرجل انى سمعت الله يقول وقليل من عبادى الشكور فانما ادعو أن يجعلنى من ذلك القليل فقال عمر كل الناس اعلم من عمر. يقول الفقير هذا القول من عمر من قبيل كسر النفس واستقصار العلم والمعرفة واستقلالهما على ما هو عادة الكمل فلا ينافى كماله فى الدين والمعرفة حتى يكون ذلك سببا لجرحه فى باب الخلافة كما استدل به الطوسي الخبيث على ذلك فى كتاب التجريد له وفى الحديث (الا ان بنى آدم خلقوا على طبقات شتى فمنهم من يولد مؤمنا ويحيى مؤمنا ويموت مؤمنا ومنهم من يولد كافرا ويحيى كافرا ويموت كافرا ومنهم من يولد مؤمنا ويحيى مؤمنا ويموت كافرا ومنهم من يولد كافرا ويحيى كافرا ويموت مؤمنا) ومن هنا قال بعضهم قوم طلبوه فخذلهم وقوم هربوا منه فأدركهم. ابراهيم خواص قدس سره گفت در باديه وقتى بتجريد مى رفتم پيرى را ديدم در كوشه نشسته وكلاهى بر سر نهاده وبزارى وخوارى مى گريست گفتم يا هذا تو كيستى گفت من ابو مره ام گفتم چرا مى گريى گفت كيست بگريستن سزاوارتر از من چهل هزار سال بدان دركاه خدمت كرده ام ودر أفق أعلى از من مقدم تر كس نبودا كنون تقدير الهى وحكم غيبى نكر كه مرا بچهـ روز آورد آنكه كفت اى خواص نكر تا بدين جهد وطاعت خويش غره نباشى كه بعنايت واختيار اوست نه بجهد وطاعت بنده بمن يك فرمان آمد كه آدم را سجده كن نكردم وآدم را فرمان آمد كه از آن درخت مخور خورد ودر كار آدم عنايت بود عذرش بنهادند وزلت او در حساب نياوردند ودر كار من عنايت نيود طاعت ديرينه من زلت شمردند
من لم يكن للوصال أهلا... فكل إحسانه ذنوب
ومن هنا يعرف سر قول الشيخ سعدى
هر كه در سايه عنايت اوست... كنهش طاعتست ودشمن دوست
وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ مطلقا بَصِيرٌ فيجازيكم بذلك فاختاروا منه ما يجديكم من الايمان

صفحة رقم 4
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية