
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
- ١ - يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
- ٢ - هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
- ٣ - خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ
- ٤ - يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ
هَذِهِ السُّورَةُ هِيَ آخِرُ الْمُسَبِّحَاتِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى تَسْبِيحِ الْمَخْلُوقَاتِ لِبَارِئِهَا وَمَالِكِهَا، وَلِهَذَا قَالَ تعالى ﴿لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ﴾ أَيْ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ فِي جَمِيعِ الْكَائِنَاتِ، الْمَحْمُودُ عَلَى جَمِيعِ مَا يخلقه ويقدره. وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ أَيْ مَهْمَا أَرَادَ كَانَ بِلَا مُمَانِعٍ وَلَا مُدَافِعٍ، وَمَا لم يشأ لم يكن، وقوله تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ﴾، أَيْ هُوَ الْخَالِقُ لَكُمْ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ مُؤْمِنٍ وَكَافِرٍ، وَهُوَ الْبَصِيرُ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ الْهِدَايَةَ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الضَّلَالَ، ولهذا قال تعالى: ﴿والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾، ثم قال تعالى: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ﴾ أَيْ بِالْعَدْلِ وَالْحِكْمَةِ، ﴿وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ﴾ أَيْ أَحْسَنَ أَشْكَالَكُمْ، كَقَوْلِهِ تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ، فِي أَىِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ ركبك﴾، وكقوله تعالى: ﴿وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ﴾ الْآيَةَ، وقوله تعالى: ﴿وَإِلَيْهِ المصير﴾ أي المرجع والمآل. ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْ عِلْمِهِ بِجَمِيعِ الْكَائِنَاتِ السمائية والأرضية والنفسية فقال تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾.