آيات من القرآن الكريم

اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ
ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ

فيشاهد آثار الله وآياته فى الأنفس والآفاق ويتخلص من الحجاب على الإطلاق ففى نظر العارفين عبرة وحكمة وفى حركاتهم شأن ومصلحة (حكى) ان أبا حفص النيسابورى رحمه الله خرج مع أصحابه فى الربيع للتنزه فمر بدار فيها شجرة مزهرة فوقف ينظر إليها معتبرا فخرج من الدار شيخ مجوسى فقال له يا مقدم الأخيار هل تكون ضيفا لمقدم الأشرار فقال نعم فدخلوا وكان معهم من يقرأ القرآن فقرأ فلما فرغ قال لهم المجوسي خذوا هذه الدراهم واشتروا بها طعاما من السوق من اهل ملتكم لانكم تتنزهون عن طعامنا ففعلوا فلما أرادوا الخروج قال المجوسي للشيخ لا أفارقك بل أكون أحد أصحابك ثم اسلم هو وأولاده ورهطه وكانوا بضع عشرة نفسا فقال أبو حفص لأصحابه إذا خرجتم للتنزه فاخرجوا هكذا.

چون نظر ميداشت ارباب شهود مؤمن آمد بي نفاق اهل جحود
ما نافية ولذا زاد من المؤكدة أَصابَ الخلق يعنى نرسد بهيچ كس مِنْ مُصِيبَةٍ من المصائب الدنيوية فى الأبدان والأولاد والأموال إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ استثناء مفرغ منصوب المحل على الحال اى ما أصاب مصيبة ملتبسة بشئ من الأشياء الا بإذن الله اى بتقديره وإرادته كأنها بذاتها متوجهة الى الإنسان متوقفة على اذنه تعالى ان تصيبه وهذا لا يخالف قوله تعالى فى سورة الشعراء وما أصابكم من مصيبة فيما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير اى بسبب معاصيكم ويتجاوز عن كثير منها ولا يعاقب عليها اما اولا فلان هذا القول فى حق المجرمين فكم من مصيبة تصيب من أصابته لامر آخر من كثرة الأجر للصبر وتكفير السيئات لتوفية الأجر الى غير ذلك وما أصاب المؤمنين فمن هذا القبيل واما ثانيا فلان ما أصاب من ساء بسوء فعله فهو لم يصب الا بإذن الله وإرادته ايضا كما قال تعالى قل كل من عند الله اى إيجادا وإيصالا فسبحان من لا يجرى فى ملكه الا ما يشاء وكان الكفار يقولون لو كان ما عليه المسلمون حقا لصانهم الله عن المصائب فى أموالهم وأبدانهم فى الدنيا فبين الله ان ذلك انما يصيبهم بتقديره ومشيئته وفى أصابتها حكمة لا يعرفها الا هو منها تحصيل اليقين بأن ليس شىء من الأمر فى يديهم فيبرءون بذلك من حولهم وقوتهم الى حول الله وقوته ومنها ما سبق آنفا من تكفير ذنوبهم وتكثير مثوباتهم بالصبر عليها والرضى بقضاء الله الى غير ذلك ولو لم يصب الأنبياء والأولياء محن الدنيا وما يطرأ على الأجسام لا فتتن الخلق بما ظهر على أيديهم من المعجزات والكرامات على ان طريان الآلام والأوجاع على ظواهرهم لتحقق بشريتهم لا على بواطنهم لتحقق مشاهدتهم والانس بربهم فكأنهم معصومون محفوظون منها لكون وجودها فى حكم العدم بخلاف حال الكفار والأشرار نسأل العفو والعافية من الله الغفار وفى الآية اشارة الى إصابة مصيبة النفس الامارة بالاستيلاء على القلب والى إصابة مصيبة القلب السيار بالغلبة على النفس فانهما بإذن تجلية القهرى للقلب الصافي بحسب الحكمة او بإذن تجليه اللطفى الجمالي للنفس الجانية بحسب النقمة وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يصدق به ويعلم انه لا يصيبه مصيبة الا بإذن الله والاكتفاء

صفحة رقم 13

التولي فى قوله فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ اى أعرضتم عن إطاعة الرسول فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ تعليل للجواب المحذوف اى فلا بأس عليه إذ ما عليه الا التبليغ المبين وقد فعل ذلك بما لا مزيد عليه واظهار الرسول مضافا الى نون العظمة فى مقام إضماره لتشريفه عليه السلام والاشعار بمدار الحلم الذي هو كون وظيفته عليه السلام محض البلاغ ولزيادة تشنيع التولي عنه وفى التأويلات النجمية أطيعوا الله بتهيئة الأسباب بمظهرية ذاته وصفاته وأطيعوا الرسول بتحصيل القابلية لمظهرية احكام شريعته الظاهرة وآداب طريقته الباطنة فان أعرضتم عن تهيئة الأسباب والاستعداد وتصفية هذين الامرين الكليين بالإقبال على الدنيا والاستهلاك فى بحر شهواتها فانما على رسولنا البلاغ المبين وعليكم العذاب المهين اللَّهُ لا إِلهَ فى الوجود إِلَّا هُوَ جملة من مبتدأ وخبر اى هو المستحق للمعبودية لا غير وهو القادر على الهداية والضلالة لا شريك له فى الإرشاد والإضلال وليس بيد الرسول شىء من ذلك وَعَلَى اللَّهِ اى عليه تعالى خاصة دون غيره لا استقلالا ولا اشتراكا فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ فى تثبيت قلوبهم على الايمان والصبر على المصائب واظهار الجلالة فى موضع الإضمار للاشعار بعلية التوكل والأمر به فان الالوهية مقتضية للتبتل اليه تعالى بالكلية وقطع التعلق عما سواه بالمرة وفى الآية بعث لرسول الله وللمؤمنين وحث لهم على الثبات على التوكل والازدياد فيه حتى ينصرهم على المكذبين وعلى من تولى عن الطاعة وقبول احكام الدين. واعلم ان التوكل من المقامات العالية وهو اظهار العجز والاعتماد على الغير وفى الحدائق التوكل هو الثقة بما عند الله واليأس مما فى أيدى الناس وظاهر الأمر يفيد وجوب التوكل مع انه غير موجود فى اكثر الناس فيلزم أن يكونوا عاصين ولعل المأمور به هو التوكل العقلي وهو أن يعتقد العبد انه ما من مراد من مراداته الدنيوية والاخروية الا وهو يحصل من الله فيثق به فى حصوله ويرجو منه وان كانت النفس تلتفت الى الغير وتتوقع منه نظرا الى اعتقاد سببيته والله مسبب الأسباب واما التوكل الطبيعي الذي لا يكون ثقة صاحبه طبعا الا بالله وحده ولا اعتماده الا عليه فى جميع مقاصده مع قطع النظر عن الأغيار كلها رأسا فهو عسير قلما يوجد الا فى الكمل من الأولياء كما حكى عن بشر الحافى رحمه الله انه جائه جماعة من الشام وطلبوا منه أن يحج معهم فقال نعم ولكن بثلاثة شروط أن لا نحمل معنا شيأ ولا نسأل أحدا شيأ ولا نقبل من أحد شيأ فقالوا اما الاول والثاني فنقدر عليه اما الثالث فلا نقدر فقال أنتم الذين تحجون متوكلين على زاد الحاج وقيل من ادعى التوكل ثم شبع فقد حمل زادا وعن بعضهم انه قال حججت اربع عشرة مرة حافيا متوكلا وكان يدخل الشوك فلا أخرجه لئلا ينقص توكلى وعن ابراهيم الخواص رحمه الله بينما أنا أسير فى البادية إذ قال لى أعرابي يا ابراهيم التوكل عندنا فاقم عندنا حتى يصح توكلك أما تعلم ان رجاءك دخول بلد فيه أطعمة يحملك ويقويك اقطع رجاءك عن دخول البلدان فتوكل فاذا كان رجاء دخول البلدان مانعا عن التوكل التام فما ظنك بالإقامة فى بلاد خصبة ولذا أوقع الله التوكل على الجلالة لانها جامعة لجميع الأسماء فالتوكل عليه توكل تام والتوكل على الأسماء الجزئية توكل ناقص فمن عرف الله وكل اليه أموره وخرج هو من البين ومن

صفحة رقم 15
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية