آيات من القرآن الكريم

إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ
ﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫ ﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ

تفسير سورة الصف
مدنية وقيل مكية وآيها اربع عشرة بلا خلاف بسم الله الرحمن الرحيم
سَبَّحَ لِلَّهِ نزهه عن كل ما لا يلق بجنابه العلى العظيم ما فِي السَّماواتِ من العلويات الفاعلة وَما فِي الْأَرْضِ من السفليات القابلة آفاقا وأنفسا اى سبحه جميع الأشياء من غير فرق بين موجود وموجود كما قال تعالى وان من شيء الا يسبح بحمده وَهُوَ الْعَزِيزُ الغالب الذي لا يكون الا ما يريد الْحَكِيمُ الذي لا يفعل الا بالحكمة فلا عزيز ولا حكيم على الإطلاق غيره فلذا يجب تسبيحه قال في كشف الاسرار من أراد يصفوله تسبيحه فليصف عن آثار نفسه قلبه ومن أراد أن يصفوله في الجنة عيشه فليصف عن اوضار الهوى دينه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ايمانا رسميا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ روى ان المسلمين قالوا لو علمنا أحب الأعمال الى الله تعالى لبذلنا فيه أموالنا وأنفسنا فلما نزل الجهاد كرهوه فنزلت تعييرا لهم بترك الوفاء ولم مركبة من اللام الجارة وما الاستفهامية قد حذفت ألفها تخفيفا لكثرة استعمالهما معا كما في عم وفيم ونظائرهما معناها لاى شيء تقولون نفعل ما لا تفعلون من الخير والمعروف على ان مدار التعيير والتوبيخ في الحقيقة عدم فعلهم وانما وجهه الى قولهم تنبيها على تضاعف معصيتهم ببيان ان المنكر ليس ترك الخير الموعود فقط بل الوعد به ايضا وقد كانوا يحسبونه معروفا ولو قيل لم لا تفعلون ما تقولون لفهم منه ان المنكر هو ترك الموعود فليس المراد من ما حقيقة الاستفهام لان الاستفهام من الله محال لانه عالم بجميع الأشياء بل المراد الإنكار والتوبيخ على أن يقول الإنسان من نفسه مالا يفعله من الخير لانه ان اخبر أنه فعل في الماضي والحال ولم يفعله كان كاذبا وان وعد أن يفعله في المستقبل ولا يفعله كان خلفا وكلاهما مذموم كما قال في الكشاف هذا الكلام يتناول الكذب واخلاف الموعد وهذا بخلاف ما إذا وعد فلم يف بميعاده لعذر من الاعذار فانه لا اثم عليه وفي عرائس البقلى حذر الله المريدين أن يظهروا يدعوى المقامات التي لم يبلغوا إليها لئلا يقعوا في مقت الله وينقطعوا عن طريق الحق بالدعوى بالباطل وايضا زجرا لاكابر في ترك بعض الحقوق ومن لم يوف بالعهود ولم يأت بالحقوق لم يصل الى الحق والحقيقة وايضا ليس للعبد فعل ولا تدبير لانه أسير في قبضة العزة يجرى عليه احكام القدرة وتصاريف المشيئة فمن قال فعلت او أتيت او شهدت فقد نسى مولاه وادعى ما ليس له ومن شهد من نفسه طاعة كان الى العصيان اقرب لان النسيان من العمى وفي التأويلات النجمية يا ايها المؤمنون المقلدون لم تذمون الدنيا بلسان الظاهر وتمدحونها بلسان الباطن شهادة ارتكابكم انواع الشهوات الحيوانية واصناف اللذات الجسمانية او تمدحون الجهاد بلسانكم وتذمونه بقلوبكم وذلك يدل على اعراضكم عن الحق وإقبالكم على النفس والدنيا وهذا كبر مقتا عند الله تعالى كما قال كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ كبر من باب نعم وبئس فيه ضمير مبهم مفسر بالنكرة بعده وأن تقولوا هو المخصوص بالذم والمقت البغض الشديد لمن يراه متعاطيا لقبيح يقال مقته فهو مقيت وممقوت وكان يسمى تزوج امرأة الأب نكاح المقت

صفحة رقم 493

وعند الله ظرف للفعل بمعنى في علمه وحكمته والكلام بيان لغاية قبح ما فعلوه اى عظم بغضا في حكمته تعالى هذا القول المجرد فهو أشد ممقوتية ومبغوضية فمن مقته الله فله النار ومن أحبه الله فله الجنة (قال الكاشفى) ونزد بعضى علما آيت عامست يعنى هر كه سخنى كويد ونكند درين عتاب داخلست ويا آن علما نيز كه خلق را بعمل خير فرمايند وخود ترك نمايند اين سياست خواهد بود

لا تنه عن خلق وتأتى مثله عار عليك إذا فلعت عظيم
واوحى الله تعالى الى عيسى عليه السلام يا ابن مريم عظ نفسك فان اتعظت فعظ الناس والا فاستحى منى وحضرت پيغمبر عليه السلام در شب معراج ديد كه لبهاى چنين كسان بمقراض آتشين مى بريدند
از من بكوى عالم تفسير كوى را كر در عمل نكوشى نادان مفسر
بار درخت علم ندانم بجز عمل با علم اگر عمل نكنى شاخ بي برى
قيل لبعض السلف حدثنا فسكت ثم قيل له حدثنا فقال لهم اتأمروننى أن أقول مالا افعل فأستعجل مقت الله قال القرطبي رحمه الله ثلاث آيات منعتنى ان أقص على الناس أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وما أريد ان أخالفكم الى ما أنهاكم عنه يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون وقد ورد الوعيد في حق من يترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ايضا اى كما ورد في حق من يترك العمل فالخوف إذا كان على كل منهما في درجة متناهية فكيف على من يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف واكثر الناس في هذا الزمان هكذا والعياذ بالله تعالى قال في اللباب ان الآية توجب على كل من ألزم نفسه عملا فيه طاعة الله أن يفى به فان من التزم شيألزم شرعا إذ الملتزم اما نذر تقرب مبتدأ كقوله لله على صلاة او صوم او صدقة ونحوه من القرب فيلزمه الوفاء اجماعا او نذر مباح وهو ما علق بشرط رغبة كقوله ان قدم غائبى فعلى صدقة او بشرط رهبة كقوله ان كفانى الله شر كذا فعلى صدقة ففيه خلاف فقال مالك وابو حنيفة يلزمه الوفاء به وقال الشافعي في قوله لا يلزم وعموم الآية حجة لنا لانها بمطلقها تتناول ذم من قال ما لا يفعله على اى وجه كان من مطلق اى مقيد بشرط إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ أعداء الله فِي سَبِيلِهِ فى طريق مرضاته وأعلاه دينه اى يرضى عنهم ويثنى عليهم صَفًّا صف زده در برابر خصم وهو بيان لما هو مرضى عنده تعالى بعد بيان ما هو ممقوت عنده وهذا صريح في ان ما قالوه عبارة عن الوعد بالقتال وصفا مصدر وقع موقع الفاعل او المفعول ونصبه على الحالية من فاعل يقاتلون اى صافين أنفسهم او مصفوفين والصف أن يجعل الشيء على خط مستو كالناس والأشجار كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ حال من المستكن في الحال الاولى والبنيان الحائط وفي القاموس البناء ضد الهدم يناه بنيا وبناء وبنيانا وبنية وبناية والبناء المبنى والبنيان واحد لا جمع دل عليه تذكير مرصوص وقال بعضهم

صفحة رقم 494
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية